وبهذا بين الله سبحانه احترام الإسلام لحق الحياة، ولذلك لا يُطل دم (١) فى الإسلام، وهو لا يحترم حق الحياة للمسلمين فقط، بل يحترمها للناس كافة إلا فى حال الاعتداء، ولذلك أمر بالاحتراس فى الحرب من أن يقتل غير مقاتل، أو يحارب غير محارب، وأمر المؤمنين عند القتال والخروح إليه ألا يقتلوا من يلقى السلام، فقال سبحانه :(يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعمفون خبيرا، .
وإن العدل لا تقوم أركانه فى الأرض إلا بأمرين : أحدهما : استعداد أهل الحق لدفع شر الأعداء للحق، وإن للمجاهد فضلا على من لى يجاهد، ولذا قال سبحانه :(لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة... ، .
الأمر الثانى : ألا يرضى مؤمن بالبقاء فى ذلة تحت سلطان عدو الله وعدو الحق، بل عليه أن يهاجر من أرض الذلة، ولذا قال سبحانه :(إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها... -، .
وقد بين سبحانه وتعالى وجوب الهجرة على القادر عليها، وفضلها.
وإن الجهاد فريضة محكمة، والصلاة ذكر الله، ولذلك لا تسقط فريضة الصلاة فى الجهاد، بل هى واجبة، ولها نظام خاص يلتقى فيها الجهاد مع أداء الصلاة جماعة بإمام واحد، فيبتدئ الإمام مع فريق والآخر يحرس الجماعة المجاهدة من الغارة، حتى إذا كان نصف الصلاة ذهب الذى ابتدأ معه للحراسة، وجاء الذى لم يبتدئ، وأتم الإمام صلاته معه، ثم يكمل كل ما فاته. وله فضل الجماعة.
_________
(١) أى : لا يهدر.