أدبنا سبحانه وتعالى أدبا عاليا، وهو منع الجهر بالسوء ؟ لأن الجهر به دعوة إليه، ولكن رخص للمظلوم أن يتكلم فى ظالمه بالحق (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما، ، وقد بين سبحانه بعد ذلك أحوال اليهود، فقد فرقوا بين الرسل، آمنوا ببعض وكفروا ببعض، وقد بين تعنت الماضين، مع أنهم أوتوا تسع آيات بينات، ومع ذلك طلبوا أن يروا الله جهرة، ثم اتخذوا العجل إلها من بعد ما جاءتهم البينات، ورفع الجبل فوقهم وأخذت عليهم العهود الموثقة، وأمروا ألا يعدوا فى السبت، ومع كل هذا خالفوا، فطبعت قلوبهم على القسوة، وعقولهم على الإنكار، والبينات تجدى طالب الهداية فقط ولم يطلبوها، وقد استمروا على افترائهم فافتروا على مريم البتول، وادعوا أنهم قتلوا المسيح (... وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم... ، . وبهذا الظلم وتلك القسوة والجشع المادى حرم الله عليهم طيبات أحلت
لهم ؟ ليفطم نفوسهم - وليسوا جميعا سواء ؟ ولذلك ذكر الله تعالى الراسخين فى العلم منهم ومقامهم من الحق والإيمان بهم.
ولقد بين سبحانه وحدة الرسالة الإلهية، فما أوحى إلى النبى هو ما أوحى إلى الأنبياء قبله، إن الله يشهد والملائكة يشهدون بصدق ما جاء به، إن الكافرين صدوا عن سبيله وضلوا وطريقهم إلى جهنم. ثم بين سبحانه ضلال أهل الكتاب، فقد غالوا فى أنبيائهم، فقال النصارى : الله ثالث ثلاثة! وذلك ليس الحق (لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون... ، .
ثم بين سبحانه وتعالى أن القرآن حجته فيه، فقال سبحانه :(يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا -، .


الصفحة التالية
Icon