فصل آخر للعلامة ابن القيم
قال عليه الرحمة :
قوله تعالى ﴿ وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا ﴾
قال الشافعي : أن لا تكثر عيالكم فدل على أن قلة العيال أولى.
قيل قد قال الشافعي رحمه الله ذلك وخالفه جمهور المفسرين من السلف والخلف وقالوا معنى الآية ذلك أدنى أن لا تجوروا ولا تميلوا، فإنه يقال : عال الرجل يعول عولا إذا مال وجار ومنه عول الفرائض لأن سهامها إذا زادت دخلها النقص ويقال عال يعيل عيلة إذا احتاج
قال تعالى ﴿وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء﴾ التوبة ٢٨
وقال الشاعر
وما يدري الفقير متى غناه | وما يدري الغني متى يعيل أي متى يحتاج ويفتقر |
قال الواحدي في بسيطه ومعنى تعولوا تميلوا وتجوروا عن جميع أهل التفسير واللغة وروي ذلك مرفوعا روت عائشة رضي الله عنها عن النبي في قوله ﴿ذلك أن لا تعولوا﴾
قال : أن لا تجوروا
وروي أن لا تميلوا قال وهذا قول ابن عباس والحسن وقتادة والربيع والسدي وأبي مالك وعكرمة والفراء والزجاج وابن قتيبة وابن الأنباري
قلت ويدل على تعين هذا المعنى من الآية وإن كان ما ذكره الشافعي رحمه الله لغة حكاها الفراء عن الكسائي أنه قال ومن الصحابة من يقول عال يعول إذا كثر عياله
قال الكسائي وهو لغة فصيحة سمعتها من العرب لكن يتعين الأول لوجوه
أحدها : أنه المعروف في اللغة الذي لا يكاد يعرف سواه ولا يعرف عال يعول إذا كثر عياله إلا في حكاية الكسائي وسائر أهل اللغة على خلافه