وتحريره أن الواو : دلت على إطلاق أن يأخذ الناكحون من أرادوا نكاحها من النساء على طريق الجمع إن شاءوا مختلفين في تلك الأعداد، وإن شاءوا متفقين فيها، محظوراً عليهم ما وراء ذلك، أفاده الزمخشري.
بحث جليل :
قال الرازي : ذهب قوم سَدّى ( كحتى، موضع قرب زُبَيد باليمن ا، ه قاموس ) إلى أنه يجوز التزوج بأي عدد أريد، واحتجوا بالقرآن والخبر :
أما القرآن : فقد تمسكوا بهذه الآية من ثلاثة أوجه :
الأول : أن قوله :﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النّسَاءِ ﴾ إطلاق في جميع الأعداد بدليل أنه لا عدد إلا ويصح استثناؤه منه، وحكم الاستثناء إخراج ما لولاه لكان داخلاً.
والثاني : أن قوله :﴿ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ ﴾ لا يصلح تخصيصاً لذلك العموم لأن تخصيص بعض الأعداد بالذكر لا ينفي ثبوت الحكم في الباقي، بل نقول : إن ذكر هذه الأعداد يدل على رفع الحرج والحجر مطلقاً فان الإنسان إذا قال لولده : افعل ما شئت، اذهب إلى السوق، وإلى المدينة، وإلى البستان، كان تنصيصاً في تفويض زمام الخيرة إليه مطلقاً، ورفع الحجر والحرج عنه مطلقاً، ولا يكون ذلك تخصيصاً للإذن بتلك الأشياء المذكورة بل كان إذناً في المذكور وغيره، فكذا هاهنا، وأيضاً فذكر جميع الأعداد متعذر فإذا ذكر بعض الأعداد بعد قوله :﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النّسَاءِ ﴾ كان ذلك تنبيهاً على حصول الإذن في جميع الأعداد.
والثالث : أن الواو للجمع المطلق فقوله :﴿ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ ﴾ يفيد حل هذا المجموع وهو يفيد تسعة بل الحق أنه يفيد ثمانية عشر لأن قوله مثنى ليس عبارة عن اثنين فقط بل عن اثنين اثنين، وكذلك القول في البقية.
وأما الخبر فمن وجهين :
الأول : أنه ثبت بالتواتر :< أنه صَلّى اللهُ عليّه وسلّم مات عن تسع >، ثم إن الله تعالى أمرنا باتباعه فقال :﴿ فَاتّبِعُوهُ ﴾ وأقل مراتب الأمر الإباحة.