ولا سيما في مثل مواطن يجبن عنها كثير من الرجال، فإنك لا تُسئل يوم القيامة عن الذي ترتضيه العباد بل عن الذي يرتضيه المعبود، وإذا جاء نهر الله بطل نهر مَعْقِل، ومن ورد البحر استقل السواقيا. انتهى.
وقال الشوكاني قدس سره أيضاً في " نيل الأوطار " : حديث قيس بن الحارث ( وفي رواية الحارث بن قيس ) في إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقد ضعفه غير واحد من الأئمة.
قال أبو القاسم البغوي : ولا أعلم للحارث بن قيس حديثاً غير هذا.
وقال أبو عَمْرو النمري : ليس له إلا حديث واحد ولم يأت به من وجه صحيح، وفي معنى هذا الحديث غيلان الثقفي وهو عن الزهريّ عن سالم عن ابن عمر قال : أسلم غيلان الثقفي وتحته عشر نسوة، في الجاهلية، فأسلمن معه، < فأمره النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم أن يختار منهن أربعاً >، رواه أحمد وابن ماجة والترمذيّ، وحكم أبو حاتم أبو زرعة بأن المرسل أصح.
وحكى الحاكم عن مسلم أن هذا الحديث مما وهم فيه معمر بالبصرة، قال : فإن رواه عنه ثقة خارج البصرة حكمنا له بالصحة، وقد أخذ ابن حبان والحاكم والبيهقيّ بظاهر الحكم، وأخرجوه من طرق عن معمر من حديث أهل الكوفة، وأهل خراسان وأهل اليمامة عنه.
قال الحافظ : ولا يفيد ذلك شيئاً، فإن هؤلاء كلهم، إنما سمعوا منه بالصرة، وعلى تقدير أنهم سمعوا منه بغيرها، فحديثه الذي حدث به في غير بلده مضطرب، لأنه كان يحدث في بلده من كتبه على الصحة، وأما إذا رحل فحدث من حفظه بأشياء وهم فيها، اتفق على ذلك أهل العلم، كابن المديني والبخاريّ وابن أبي حاتم ويعقوب بن شيبة وغيرهم.
وحكى الأثرم عن أحمد أن هذا الحديث ليس بصحيح، والعمل عليه، وأعله بتفرد معمر في وصله وتحديثه به في غير بلده.
وقال ابن عبد البر : طرقه كلها معلولة.
وقد أطال الدارقطني في " العلل " تخريج طرقه.


الصفحة التالية
Icon