﴿ ذَلِكَ ﴾ أي : الاقتصار على واحدة أو على التسري :﴿ أَدْنَى ﴾ أي : أقرب :﴿ أَلاّ تَعُولُواْ ﴾ أي : من أن لا تميلوا ولا تجوروا.
لانتفائه رأساً بانتفاء محله في الأول، وانتفاء خطره في الثاني بخلاف اختيار العدد في المهائر، فإن الميل المحظور متوقع فيه لتحقق المحل والخطر، هذا إن قدر ( تعولوا ) مضارع عال، بمعنى جار ومال عن الحق، وهو اختيار أكثر المفسرين.
ومن الوجوه المحتملة فيه كونه مضارع عال بمعنى كثر عياله، قال في :" القاموس " : وعال فلان عولاً وعيالة : كثر عياله، كأعول وأعيل. انتهى.
وعلى هذا الوجه اقتصر الإمام المهايمي، قدس سره، في تفسيره حيث قال : أي : أقرب من أن لا تكثر عيالكم فيمكن معه القناعة بحيث لا يضطر إلى الجور في أموال اليتامى. انتهى.
وروي هذا التأويل عن زيد بن أسلم وسفيان بن عيينة والشافعي، وأما قول ابن كثير في هذا التفسير : ههنا نظر، فإنه كما يخشى كثرة العائلة من تعداد الحرائر كذلك يخشى من تعداد السراري - فجوابه ( كما قال الرازي ) من وجهين :
الأول : ما ذكره القفال - رَضِي اللّهُ عَنْهُ -، وهو أن الجواري إذا كثرن فله أن يكلفهن الكسب، وإذا اكتسبن أنفقن على أنفسهن وعلى مولاهن أيضاً، وحينئذ تقل العيال، أما إذا كانت المرأة حرة، لم يكن الأمر كذلك، فظهر الفرق.
الثاني : أن المرأة إذا كانت مملوكة، فإذا عجز المولي عن الإنفاق عليها باعها وتخلص منها، أما إذا كانت حرة فلا بد له من الإنفاق عليها، والعرف يدل على أن الزوج ما دام يمسك الزوجة فإنها لا تطالبه بالمهر، فإذا حاول طلاقها طالبته بالمهر فيقع الزوج في المحنة. انتهى.
تنبيهان :
الأولى : قال بعض المفسرين : دلت الآية على أنه يجب بالنكاح حقوق.
وتدل على أن من خشي الوقوع فيما لا يجوز، قبح منه ما دعا إلى ذلك القبيح، فلا يجوز لمن عرف أنه يخون مال اليتيم إذا تزوج أكثر من واحدة، أن يتزوج أكثر.


الصفحة التالية
Icon