وكذا إذا عرف أنه يخون الوديعة ولا يحفظها، فإنه لا يجوز له قبول الوديعة.
وتدل على أن العدل واجب بين الزوجات.
وأن من عرف أنه لا يعدل فإنه لا تحل له الزيادة على واحدة.
وتدل على أن زواجه الصغيرة من غير أبيها وجدّها جائز، وللفقهاء مذاهب في ذلك معروفة.
الثاني : في سر ما تشير إليه الآية من إصلاح النسل، قال بعض علماء الاجتماع من فلاسفة المسلمين في مقالة عنوانها " الإسلام وإصلاح النسل " ما مثاله : ما زال البشر يسعى منذ ألوف من السنين وراء إصلاح ما يقتنيه من خيل وبقر وغنم ليكثر انتفاعه به، فيختار لإناث هذه الحيوانات أفحلاً كريمة، هي على ما يرومه من الصفات، ليحصل منها على نسل أنفع له من أمهاته.
وقد زادت رغبة الناس بهذا العصر في إصلاح النوع النافع من الحيوان، فضربوه ورقوه باختيار الأفحُل المناسبة، حتى حصلوا على صنف من الخيل الجياد تسابق الرياح فتجري ( ١٦ ) متراً في الثانية من الزمن، وعلى صنف من البقر تحلب في اليوم الواحد خمسين أقة، وعلى صنف من المعزى والغنم شعره أو صوفه مثل الحرير نعومة، ولم يقصر إصلاحهم على الحيوان، بل تجاوز إلى النبات، فحصلوا بفضله على أشجار كثيرة الثمر لذيذته، وانتفعوا انتفاعاً كبيراً، ما تيسر لأسلافهم.
نعم إن البشر افتكروا في إصلاح الحيوان الصامت والنبات، وعلموا ما فيه من الفوائد، فسعوا إليه السعي الذي يرضاه العلم، وجنوا ثمار ذلك السعي، ولكنهم ما افتكروا في إصلاح ما هو أهم من كل ذلك : في إصلاح الحيوان الذكي، والشرير أكثر من الصالح، والجبان أكثر من الشجاع، والكاذب أكثر من الصادق، والكسلان أكثر من أخي الجد النشيط، ولو أنهم أصلحوا نسلهم لما وجد في الناس من يولد مريضاً ويعيش مريضاً، فلا ينتفع بوجوده المجتمع، وهو كثير.