فإذْ كان ذلك كذلك، فبيِّنٌ أن"السفهاء" الذين نهى الله المؤمنين أن يؤتوهم أموالهم، هم المستحقون الحجرَ والمستوجبون أن يُولى عليهم أموالهم، وهم من وصفنا صفتهم قبل، وأن من عدا ذلك فغير سفيه، لأن الحجر لا يستحقه من قد بلغ وأونس رشده.
وأما قول من قال :"عنى بالسفهاء النساء خاصة"، فإنه جعل اللغة على غير وجهها. وذلك أن العرب لا تكاد تجمع"فعيلا" على"فُعَلاء" إلا في جمع الذكور، أو الذكور والإناث. وأما إذا أرادوا جمع الإناث خاصة لا ذكران معهم، جمعوه على :"فعائل" و"فعيلات"، مثل :"غريبة"، تجمع"غرائب" و"غريبات"، فأما"الغُرَباء"، فجمع"غريب". أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٧ صـ ٥٦٥ ـ ٥٦٦﴾
فصل
قال القرطبى :
واختلف العلماء في أفعال السفيه قبل الحجر عليه ؛ فقال مالك وجميع أصحابه غير ابن القاسم : إنّ فعل السفيه وأمره كلّه جائز حتى يضرب الإمام على يده.
وهو قول الشافعي وأبي يوسف.
وقال ابن القاسم : أفعاله غير جائزة وإن لم يضرب عليه الإمام.
وقال أصْبَغ : إن كان ظاهر السفه فأفعاله مردودة، وإن كان غير ظاهر السفه فلا تُردّ أفعاله حتى يحجر عليه الإمام.
واحتج سُحنون لقول مالك بأن قال : لو كانت أفعال السفيه مردودةً قبل الحجر ما احتاج السلطان أن يحجر على أحد.
وحجة ابن القاسم ما رواه البخاري من حديث جابر : أن رجلاً أعتق عبداً ليس له مال غيره فردّه النبي ﷺ ولم يكن حجر عليه قبل ذلك.
الخامسة واختلفوا في الحجر على الكبير ؛ فقال مالك وجمهور الفقهاء : يحجر عليه.