والمقصود بيان الحال التي يمنع فيها السفيه من ماله، والحال التي يؤتى فيها مالَه، وقد يقال كان مقتضى الظاهر على هذا الوجه أن يقدّم هنالك حكم منع تسليم مال اليتامى لأنّه أسبق في الحصول، فيتّجه لمخالفة هذا المقتضى أن نقول قدّم حكم التسليم، لأنّ الناس أحرص على ضدّه، فلو ابتدأ بالنهي عن تسليم الأموال للسفهاء لاتّخذه الظالمون حجّة لهم، وتظاهروا بأنّهم إنّما يمنعون الأيتام أموالهم خشية من استمرار السفه فيهم، كما يفعله الآن كثير من الأوصياء والمقدّمين غير الأتقياء، إذ يتصدّون للمعارضة في بيّنات ثبوت الرشد لمجرّد الشغب وإملال المحاجير من طلب حقوقهم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ٢٥﴾
فصل
قال القرطبى :
لما أمر الله تعالى بدفع أموال اليتامى إليهم في قوله ﴿ وَآتُواْ اليتامى أَمْوَالَهُمْ ﴾ [ النساء : ٢ ] وإيصال الصّدُقات إلى الزوجات، بيّن أن السفيه وغيرَ البالغ لا يجوز دفعُ ماله إليه.
فدلّت الآية على ثبوت الوَصيّ والوَلِيّ والكفيل للأيتام.
وأجمع أهل العلم على أن الوصية إلى المسلم الحرّ الثّقةِ العدل جائزةٌ.
واختلفوا في الوصيّة إلى المرأة الحرة ؛ فقال عَوَامّ أهل العلم : الوصيّة لها جائزةٌ.
واحتج أحمد بأن عمر رضي الله عنه أوصى إلى حفصة.
ورُوي عن عطاء بن أبي رَباح أنه قال في رجل أوْصى إلى امرأته قال : لا تكون المرأة وصيّاً ؛ فإن فعل حُوّلت إلى رجل من قومه.
واختلفوا في الوصيّة إلى العبد، فمنعه الشافعيّ وأبو ثور ومحمد ويعقوب.
وأجازه مالك والأوزاعيّ وابن عبد الحَكَم.
وهو قول النخعِيّ إذا أوصى إلى عبده.
وقد مضى القول في هذا في "البقرة" مستوفى. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٢٧ ـ ٢٨﴾