فصل


قال الفخر :
في الآية قولان :
الأول : أنها خطاب الأولياء فكأنه تعالى قال : أيها الأولياء لا تؤتوا الذين يكونون تحت ولايتكم وكانوا سفهاء أموالهم.
والدليل على أنه خطاب الأولياء قوله :﴿وارزقوهم فِيهَا واكسوهم﴾ وأيضا فعلى هذا القول يحسن تعلق الآية بما قبلها كما قررناه.
فإن قيل : فعلى هذا الوجه كان يجب أن يقال : ولا تؤتوا السفهاء أموالهم، فلم قال أموالكم ؟
قلنا : في الجواب وجهان :
الأول : أنه تعالى أضاف المال إليهم لا لأنهم ملكوه، لكن من حيث ملكوا التصرف فيه، ويكفي في حسن الاضافة أدنى سبب، الثاني : إنما حسنت هذه الاضافة إجراء للوحدة بالنوع مجرى الوحدة بالشخص، ونظيره قوله تعالى :﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ﴾ [ التوبة : ١٢٨ ] وقوله :﴿وَمَا مَلَكَتْ أيمانكم﴾ [ النساء : ٣٦ ] وقوله :﴿فاقتلوا أَنفُسَكُمْ﴾ وقوله :﴿ثُمَّ أَنتُمْ هؤلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ﴾ [ البقرة : ٨٥ ] ومعلوم أن الرجل منهم ما كان يقتل نفسه، ولكن كان بعضهم يقتل بعضا، وكان الكل من نوع واحد، فكذا ههنا المال شيء ينتفع به نوع الإنسان ويحتاج إليه.
فلأجل هذه الوحدة النوعية حسنت إضافة أموال السفهاء إلى أوليائهم.


الصفحة التالية
Icon