ومنه قوله تعالى ؛ ﴿ الذين جَعَلُواْ القرآن عِضِينَ ﴾ [ الحجر : ٩١ ] وقال تعالى :﴿ غَيْرَ مُضَآرٍّ ﴾ [ النساء : ١٢ ] فنفى المضارة.
وكذلك قال عليه السلام :" لا ضرر ولا ضرار " وأيضاً فإن الآية ليس فيها تعرّض للقسمة، وإنما اقتضت الآية وجوب الحَظِّ والنصيب للصغير والكبير قليلاً كان أو كثيراً، رداً على الجاهلية فقال :﴿ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ ﴾ ﴿ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ ﴾ وهذا ظاهر جداً.
فأما إبراز ذلك النصيب فإنما يؤخذ من دليل آخر ؛ وذلك بأن يقول الوارث : قد وجب لي نصيب بقول الله عز وجل فمكِّنوني منه ؛ فيقول له شريكه : أما تمكينك على الاختصاص فلا يمكن ؛ لأنه يؤدي إلى ضرر بيني وبينك من إفساد المال، وتغيير الهيئة، وتنقيص القيمة ؛ فيقع الترجيح.
والأظهر سقوط القسمة فيما يبطل المنفعة وينقص المال مع ما ذكرناه من الدّليل. والله الموفق. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٤٧ ـ ٤٨﴾
سؤال : فإن قيل : لما قال :﴿مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ ﴾ دخل فيه القليل والكثير، فما فائدة قوله :﴿مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ﴾ ؟
قلنا : إنما قال ذلك على جهة التأكيد والإعلام أن كل تركة يجب قسمتها لئلا يتهاون بالقليل من التركات ويحتقر فلا يقسم وينفرد به بعض الورثة. أ هـ ﴿تفسير الرازى صـ ٧٧﴾
من فوائد الآلوسى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ لّلرّجَالِ نَصيِبٌ مّمَّا تَرَكَ الولدان والأقربون ﴾ شروع في بيان أحكام المواريث بعد بيان ( أحكام ) ( ١ ) أموال اليتامى المنتقلة إليهم بالإرث، والمراد من الرجال الأولاد الذكور، أو الذكور أعم من أن يكون كباراً أو صغاراً، ومن الأقربين الموروثون، ومن الوالدين ما لم يكن بواسطة، والجد والجدة داخلان تحت الأقربين، وذكر الولدان مع دخولهما أيضاً اعتناءاً بشأنهما، وجوز أن يراد من الوالدين ما هو أعم من أن يكون بواسطة أو بغيرها فيشمل الجد والجدة، واعترض بأنه يلزم توريث أولاد الأولاد مع وجود الأولاد.
وأجيب بأن عدم التوريث في هذه الصورة معلوم من أمر آخر لا يخفى، والنصيب الحظ كالنصب بالكسر ويجمع على أنصباء وأنصبة، ومن في مما متعلقة بمحذوف وقع صفة للنكرة قبله أي نصيب كائن مما ترك وجوز تعلقه بنصيب.