فيما ثبت بقطعي شائع مستفيض كقولهم : الوتر فرض، وتعديل الأركان فرض ونحو ذلك، ويسمى فرضاً عملياً، وكقولهم : الصلاة واجبة والزكاة واجبة، ونحو ذلك، ومن هنا يعلم سقوط كلام بعض الشافعية في ردّ استدلال الحنفية بما تقدم على توريث ذوي الأرحام بأن الواجب عند الحنفية ما علم ثبوته بدليل مظنون، والمفروض ما علم بدليل قاطع، وتوريث ذوي الأرحام ليس من هذا القبيل بالاتفاق، فعرفنا أنه غير مراد من الآية ووجه السقوط ظاهر غني عن البيان.
واحتج بعضهم بالآية على أن الوارث لو أعرض عن نصيبه لم يسقط حقه وهو مذهب الإمام الأعظم رضي الله تعالى عنه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٢١٠ ـ ٢١٢﴾
" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :﴿ مِّمَّا تَرَكَ ﴾ هذا الجارُّ في محل رفع ؛ لأنه صفة للمرفوع قبله أيْ : نَصِيبٌ كائن أو مستقر، ويجوز أن يكون في محلّ نصبٍ متعلِّقاً بلفظ " نصيب " لأنه من تمامه. وقوله ﴿ مِمَّا قَلَّ ﴾ [ و] في هذا الجارّ أيضاً وجهان :
أحدهما : أنه بدل من " ما " الأخيرة في " مما ترك " بإعادة حرف الجرّ في البدل، والضمير في " منه " عائد على " ما " الأخيرة، وهذا البدل مرادٌ أيضاً في الجملة الأولى حُذِفَ للدلالة عليه، ولأن المقصود بذلك التأكيد ؛ لأنه تفصيلٌ للعموم المفهوم من قوله ﴿ مِّمَّا تَرَكَ ﴾ فجاء هذا البدل مفصّلا لحالتيه من الكثرة والقِلَّةِ.
والثاني : أنه حال من الضَّمِيرِ المحذوف من " ترك " أي : مما تركه قليلاً، أو كثيراً، أو مستقراً مما قلّ.
قوله :﴿ نَصِيباً مَّفْرُوضاً ﴾ فيه أوجه :
أحدها : أن " نصيباً " ينتصب على أنَّهُ واقع موقع المصدر، والعامل فيه معنى ما تقدَّم إذ التَّقدير عطاءً أو استحقاقاً، وهذا معنى قول مَنْ يقول منصوب على المصدر المؤكد.