والقول الثاني : أن ذلك توسع، والمراد : أن أكل مال اليتيم جار مجرى أكل النار من حيث إنه يفضي إليه ويستلزمه، وقد يطلق اسم أحد المتلازمين على الآخر، كقوله تعالى :﴿وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا﴾ [ الشورى : ٤٠ ] قال القاضي : وهذا أولى من الأول لأن قوله :﴿إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أموال اليتامى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً﴾ الاشارة فيه إلى كل واحد، فكان حمله على التوسع الذي ذكرناه أولى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٦٢ ـ ١٦٣﴾
فائدة
قال ابن الجوزى :
وقد توهم قومٌ لا علم لهم بالتفسير وفقهه، أن هذه الآية منسوخة، لأنهم سمعوا أنها لما نزلت، تحرج القوم عن مخالطة اليتامى، فنزل قوله :﴿ وإِن تخالطوهم فإخوانكم ﴾ [ البقرة ٢٢٠ ] وهذا غلط، وإِنما ارتفع عنهم الحرج بشرط قصد الإِصلاح، لا على إِباحة الظلم. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ٢٤﴾
سؤال : لقائل أن يقول : الأكل لا يكون إلا في البطن فما فائدة قوله :﴿إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً ﴾ ؟.
وجوابه : أنه كقوله :﴿يَقُولُونَ بأفواههم مَّا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِم﴾ [ آل عمران : ١٦٧ ] والقول لا يكون إلا بالفهم، وقال :﴿ولكن تعمى القلوب التى فِى الصدور﴾ [ الحج : ٤٦ ] والقلب لا يكون إلا في الصدر، وقال :﴿وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ﴾ [ الأنعام : ٣٨ ] والطيران لا يكون إلا بالجناح، والغرض من كل ذلك التأكيد والمبالغة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٦٣﴾
فائدة
قال الفخر :
إنه تعالى وإن ذكر الأكل إلا أن المراد منه كل أنواع الإتلافات، فإن ضرر اليتيم لا يختلف بأن يكون إتلاف ماله بالأكل، أو بطريق آخر، وإنما ذكر الأكل وأراد به كل التصرفات المتلفة لوجوه :


الصفحة التالية
Icon