ومن فوائد ابن عطية فى الآية
قال رحمه الله :
قال ابن زيد : نزلت في الكفار الذين كانوا لا يورثون النساء والصغار، ويأكلون أموالهم، وقال أكثر الناس : نزلت في الأوصياء الذي يأكلون ما لم يبح لهم من مال اليتيم، وهي تتناول كل آكل وإن لم يكن وصياً، وسمي آخذ المال على كل وجوهه آكلاً لما كان المقصود هو الأكل وبه أكثر الإتلاف للأشياء، وفي نصه على البطون من الفصاحة تبيين نقصهم، والتشنيع عليهم بضد مكارم الأخرق، من التهافت بسبب البطن، وهو أنقص الأسباب وألأمها حتى يدخلوا تحت الوعيد بالنار، و﴿ ظلماً ﴾ معناه : ما جاوز المعروف مع فقر الوصي، وقال بعض الناس : المعنى أنه لما يؤول أكلهم للأموال إلى دخولهم النار قيل :﴿ يأكلون ﴾ النار، وقالت طائفة : بل هي حقيقة أنهم يطعمون النار، وفي ذلك أحاديث، منها حديث أبي سعيد الخدري قال : حدثنا النبي ﷺ عن ليلة أسري به، قال، رأيت أقواماً لهم مشافر كمشافر الإبل، وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواههم صخراً من نار، تخرج من أسافلهم، قلت : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال هم الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً، وقرأ جمهور الناس " وسيَصلون " على إسناد الفعل إليهم، وقرأ ابن عامر بضم الياء واختلف عن عاصم، وقرأ أبو حيوة، و" سيُصلُون " بضم الياء واللام، وهي ضعيفة، والأول أصوب، لأنه كذلك جاء في القرآن في قوله :﴿ لا يصلاها إلا الأشقى ﴾ [ الليل : ١٦ ] وفي قوله :﴿ صال الجحيم ﴾ [ الصافات : ١٦٣ ] والصلي هو التسخن بقرب النار أو بمباشرتها، ومنه قول الحارث بن عباد :
لم أكن من جناتها، علم الله... وإني بحرِّها اليوم صال


الصفحة التالية
Icon