ولما بين أن الإرث على ما حده سبحانه وتعالى مؤكداً له بلفظ الوصية، وزاده تأكيداً بما جعله اعتراضاً بين الإيصاء وبين ( فريضة ) بين أنه على سبيل الحتم الذي من تركه عصى، فقال ذاكراً مصدراً مأخوذاً من معنى الكلام :﴿فريضة من الله﴾ أي الذي له الأمر كله، ثم زادهم حثاً على ذلك ورغبة فيه بقوله تعليلاً لفريضته عليهم مطلقاً وعلى هذا الوجه :﴿إن الله﴾ أي المحيط علماً وقدرة ﴿كان﴾ ولم يزل ولا يزال لأن وجود لا يتفاوت في وقت من الأوقات، لأنه لا يجري عليه زمان، ولا يحويه مكان، لأنه خالقهما ﴿عليماً﴾ أي بالعواقب ﴿حكيماً﴾ أي فوضع لكم هذه الأحكام على غاية الإحكام في جلب المنافع لكم ودفع الضر عنكم، ورتبها سبحانه وتعالى أحسن ترتيب، فإن الوارث يتصل بالميت تارة بواسطة وهو الكلالة، وأخرى بلا واسطة، وهذا تارة يكون بنسب، وتارة بصهر ونسب، فقدم ما هو بلا واسطة لشدة قربه، وبدأ منه بالنسب لقوته، وبدأ منهم بالولد لمزيد الاعتناء به. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٢١٩ ـ ٢٢١﴾
وقال الفخر :
في تعلق هذه الآية بما قبلها وجهان :
الأول : أنه تعالى لما بين الحكم في مال الأيتام، وما على الأولياء فيه، بين كيف يملك هذا اليتيم المال بالارث، ولم يكن ذلك إلا ببيان جملة أحكام الميراث،
الثاني : أنه تعالى أثبت حكم الميراث بالإجمال في قوله :﴿لّلرّجَالِ نَصيِبٌ مّمَّا تَرَكَ الوالدان والأقربون﴾ [ النساء : ٧ ] فذكر عقيب ذلك المجمل، هذا المفصل فقال :﴿يُوصِيكُمُ الله فِى أولادكم ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٦٥﴾