وقال الآلوسى :
﴿ يُوصِيكُمُ الله ﴾ شروع في بيان ما أجمل في قوله عز وجل ﴿ لّلرّجَالِ نَصِيبٌ ﴾ [ النساء : ٧ ] الخ، "والوصية كما قال الراغب : ألتقدم إلى الغير ما يعمل فيه مقترناً بوعظ من قولهم : أرض واصية متصلة النبات" وهي في الحقيقة أمر له بعمل ما عهد إليه، فالمراد يأمركم الله ويفرض عليكم، وبالثاني : فسره في "القاموس" وعدل عن الأمر إلى الإيصاء لأنه أبلغ وأدل على الاهتمام وطلب الحصول بسرعة.
﴿ فِى أولادكم ﴾ أي في توريث أولادكم، أو في شأنهم وقدر ذلك ليصح معنى الظرفية، وقيل : في بمعنى اللام كما في خبر :"إن امرأة دخلت النار في هرة" أي لها كما صرح به النحاة، والخطاب قيل : للمؤمنين وبين المتضايفين مضاف محذوف أي يوصيكم في أولاد موتاكم لأنه لا يجوز أن يخاطب الحي بقسمة الميراث في أولاده، وقيل : الخطاب لذوي الأولاد على معنى يوصيكم في توريثهم إذا متم وحينئذ لا حاجة إلى تقدير المضاف كما لو فسر يوصيكم بيبين لكم، وبدأ سبحانه بالأولاد لأنهم أقرب الورثة إلى الميت وأكثرهم بقاءاً بعد المورث. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٢١٦﴾
وقال ابن عاشور :
﴿ يُوصِيكُمُ الله فى أولادكم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الانثيين فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ اثنتين فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ واحدة فَلَهَا النصف ﴾.
تتنزّل آية ﴿ يوصيكم الله في أولادكم ﴾ منزلة البيان والتفصيل لقوله ﴿ للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ﴾ [ النساء : ٧ ] وهذا المقصد الذي جعل قوله :﴿ للرجال نصيب ﴾ [ النساء : ٧ ] إلخ بمنزلة المقدّمة له فلذلك كانت جملة :﴿ يوصيكم ﴾ مفصولة لأنّ كلا الموقعين مقتض للفصل.


الصفحة التالية
Icon