ولما كان اختصاصهم بالإرث عن النساء والأطفال من الفوز عندهم، بل لم يكن الفوز العظيم عندهم إلا الاحتواء على الأموال وبلوغ ما في البال منها من الآمال قال تعالى معظماً بأداة البعد :﴿وذلك﴾ أي الأمر العالي المرتبة من الطاعة المندوب إليها ﴿الفوز العظيم﴾ أي لا غيره من الاحتواء على ما لم يأذن به الله، وهذا أنسب شيء لتقديم الترغيب لتسمح نفوسهم بترك ما كانوا فيه مع ما فيه من التلطف بهذه الأمة والتبشير له ﷺ بأنها مطيعة راشدة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٢٢٤ ـ ٢٢٥﴾
فصل
قال الفخر :
قوله :﴿تِلْكَ﴾ إشارة إلى ماذا ؟ فيه قولان : الأول : إنه إشارة إلى أحوال المواريث.
القول الثاني : إنه إشارة إلى كل ما ذكره من أول السورة إلى ههنا من بيان أموال الأيتام وأحكام الأنكحة وأحوال المواريث وهو قول الأصم،
حجة القول الأول أن الضمير يعود إلى أقرب المذكورات، وحجة القول الثاني أن عوده إلى الأقرب إذا لم يمنع من عوده إلى الأبعد مانع يوجب عوده إلى الكل.
البحث الثاني : أن المراد بحدود الله المقدرات التي ذكرها وبينها، وحد الشيء طرفه الذي يمتاز به عن غيره، ومنه حدود الدار، والقول الدال على حقيقة الشيء يسمى حداً له، لأن ذلك القول يمنع غيره من الدخول فيه، وغيره هو كل ما سواه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٨٤﴾
وقال الآلوسى :
﴿ تِلْكَ ﴾ أي الأحكام المذكورة في شؤون اليتامى والمواريث وغيرها، واقتصر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما على المواريث ﴿ حُدُودَ الله ﴾ أي شرائعه أو طاعته أو تفصيلاته أو شروطه، وأطلقت عليها الحدود لشبهها بها من حيث إن المكلف لا يجوز له أن يتجاوزها إلى غيرها.