فأما القرابة المغايرة لقرابة الولادة، وهي كالاخوة والأخوات والأعمام والعمات، فإنما يحصل لنسبهم اتصال وإحاطة بالمنسوب إليه، فثبت بهذه الوجوه الاشتقاقية أن الكلالة عبارة عمن عدا الوالدين والولد.
الحجة الثانية : أنه تعالى ما ذكر لفظ الكلالة في كتابه إلا مرتين، في هذه السورة : أحدهما : في هذه الآية، والثاني : في آخر السورة وهو قوله :﴿قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِى الكلالة إِن امرؤ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ﴾ [ النساء : ١٧٦ ] واحتج عمر بن الخطاب بهذه الآية على أن الكلالة من لا ولد له فقط، قال : لأن المذكور ههنا في تفسير الكلالة : هو أنه ليس له ولد، إلا أنا نقول : هذه الآية تدل على أن الكلالة من لا ولد له ولا والد.
وذلك لأن الله تعالى حكم بتوريث الاخوة والأخوات حال كون الميت كلالة، ولا شك أن الاخوة والأخوات لا يرثون حال وجود الأبوين، فوجب أن لا يكون الميت كلالة حال وجود الأبوين.
الحجة الثانية : إنه تعالى ذكر حكم الولد والوالدين في الآيات المتقدمة ثم أتبعها بذكر الكلالة، وهذا الترتيب يقتضي أن تكون الكلالة من عدا الوالدين والولد.
الحجة الرابعة : قول الفرزدق :
ورثتم قناة الملك لا عن كلالة.. عن ابني مناف عبد شمس وهاشم
دل هذا البيت على أنهم ما ورثوا الملك عن الكلالة، ودل على أنهم ورثوها عن آبائهم، وهذا يوجب أن لا يكون الأب داخلا في الكلالة والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٧٩ ـ ١٨٠﴾