قال القاضي أبو محمد : يريد الخاصة بها الخارجة عن طاعة الله، وهذا المعنى عندي جار مع قوله تعالى :﴿ إنما الحياة الدنيا لعب ولهو ﴾ [ محمد : ٣٦، الحديد : ٢٠ ] وقد تأول قول عكرمة بأنه للذين يعملون السوء في الدنيا.
قال القاضي أبو محمد : فكأن " الجهالة " اسم للحياة الدنيا، وهذا عندي ضعيف، وقيل ﴿ بجهالة ﴾، أي لا يعلم كنه العقوبة، وهذا أيضاً ضعيف، ذكره ابن فورك ورد عليه. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ٢٤﴾
قال الطبرى :
وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية، قولُ من قال : تأويلها : إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء، وعملهم السوء هو الجهالة التي جهلوها، عامدين كانوا للإثم، أو جاهلين بما أعدّ الله لأهلها.
وذلك أنه غير موجود في كلام العرب تسمية العامد للشيء :"الجاهل به"، إلا أن يكون معنيًّا به أنه جاهل بقدر منفعته ومضرّته، فيقال :"هو به جاهل"، على معنى جهله بمعنى نفعه وضُرّه. فأما إذا كان عالمًا بقدر مبلغ نفعه وضرّه، قاصدًا إليه، فغيرُ جائز من أجل قصده إليه أن يقال "هو به جاهل"، لأن"الجاهل بالشيء"، هو الذي لا يعلمه ولا يعرفه عند التقدم عليه أو [الذي] يعلمه، فيشبَّه فاعله، إذ كان خطًأ ما فعله، بالجاهل الذي يأتي الأمر وهو به جاهل، فيخطئ موضع الإصابة منه، فيقال :"إنه لجاهل به"، وإن كان به عالمًا، لإتيانه الأمر الذي لا يأتي مثله إلا أهل الجهل به.


الصفحة التالية
Icon