الوجه الثاني : في دفع كلام الرازي : أنك تثبت أنه لا يجوز أن تكون آية الجلد متقدمة على قوله :"خذوا عني" فلم قلت إنه يجب أن تكون هذه الآية متأخرة عنه ؟ ولم لا يجوز أن يقال : إنه لما نزلت هذه الآية ذكر الرسول ﷺ ذلك ؟ وتقديره أن قوله :﴿الزانية والزانى فاجلدوا كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ﴾ مخصوص بالإجماع في حق الثيب المسلم، وتأخير بيان المخصص عن العام المخصوص غير جائز عندك وعند أكثر المعتزلة، لما أنه يوهم التلبيس، وإذا كان كذلك فثبت أن الرسول ﷺ إنما قال ذلك مقارنا لنزول قوله :﴿الزانية والزانى فاجلدوا كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ﴾ وعلى هذا التقدير سقط قولك : ان الحديث كان متقدما على آية الجلد.
هذا كله تفريع على قول من يقول : هذه الآية أعني آية الحبس نازلة في حق الزناة، فثبت أن على هذا القول لم يثبت الدليل كونها منسوخة، وأما على قول أبي مسلم الأصفهاني فظاهر أنها غير منسوخة والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٨٨ ـ ١٨٩﴾
قوله تعالى :﴿ فاستشهدوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ ﴾

فصل


قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فاستشهدوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ ﴾ أي من المسلمين، فجعل الله الشهادة على الزنا خاصة أربعةً تغليظاً على المدّعِي وستراً على العباد.
وتعديل الشهود بالأربعة في الزنا حكم ثابت في التوراة والإنجيل والقرآن ؛ قال الله تعالى :﴿ والذين يَرْمُونَ المحصنات ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فاجلدوهم ثَمَانِينَ جَلْدَةً ﴾ [ النور : ٤ ] وقال هنا :﴿ فاستشهدوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ ﴾.


الصفحة التالية
Icon