وروى أبو داود عن جابر بن عبد الله قال :" جاءت اليهود برجل وامرأة منهم قد زَنَيَا فقال :( النبي ﷺ ) "ائتوني بأعلم رجلين منكم" فأتَوهُ بابنَيْ صُورِيا فنشدهما :"كيف تجدان أمر هذين في التوراة" ؟ قالا : نجد في التوراة إذا شهد أربعةٌ أنهم رأَوْا ذكره في فرجها مثلَ المِيل في المُكْحُلة رُجِما.
قال :"فما يمنعكما أن ترجموهما" ؛ قالا : ذهب سلطاننا فكرهنا القتل ؛ فدعا رسول الله ﷺ بالشهود، فجاؤوا فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميلِ في المكحلة ؛ فأمر رسول الله ﷺ برجمهما "
وقال قوم : إنما كان الشهود في الزنا أربعة ليترتب شاهدان على كل واحد من الزانيين كسائر الحقوق ؛ إذْ هو حق يؤخذ من كل واحد منهما، وهذا ضعيف ؛ فإن اليمين تدخل في الأموال واللّوْثُ في القسامة ولا مدخل لواحد منهما هنا.
ولا بدّ أن يكون الشهود ذكوراً ؛ لقوله :"مِنْكُمْ" ولا خلاف فيه بين الأُمة.
وأن يكونوا عدولاً ؛ لأن الله تعالى شرط العدالة في البيوع والرجعة، وهذا أعظم، وهو بذلك أولى.
وهذا من حمل المطلق على المقيَّد بالدليل، على ما هو مذكور في أُصول الفقه.
ولا يكونون ذِمَّةً، وإن كان الحكم على ذميّة، وسيأتي ذلك في "المائدة" وتعلق أبو حنيفة بقوله :﴿ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ ﴾ في أن الزوج إذا كان أحد الشهود في القذف لم يلاعن.
وسيأتي بيانه في "النور" إن شاء الله تعالى. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٨٣ ـ ٨٤﴾. بتصرف يسير.
فصل
قال الفخر :
القائلون بأن هذه الآية نازلة في الزنا يتوجه عليهم سؤالات :
السؤال الأول : ما المراد من قوله :﴿مّن نِّسَائِكُمُ﴾ ؟