فكما أنَّ الميت على الكفر قد فاتته التوبة على اليقين، فكذلك المسوف إلى حضرة الموت، لمجاوزة كل واحد منهما.
أو أنَّ التكليف والاختيار انتهى كلامه.
وهو على طريق الاعتزال.
زعمت المعتزلة أن العلم بالله في دار التكليف يجوز أن يكون نظرياً، فإذا صار العلم بالله ضرورياً سقط التكليف.
وأهلُ الآخرة لأجل مشاهدتهم أهوالها يعرفون الله بالضرورة، فلذلك سقط التكليف.
وكذلك الحالة التي يحصل عندها العلم بالله على سبيل الاضطرار.
والذي قاله المحققون : إن القرب من الموت لا يمنع من قبول التوبة، لأن جماعة من بني إسرائيل أماتهم الله، ثم أحياهم وكلفهم، فدل على أنّ مشاهدة الموت لا تخل بالتكليف، ولأن الشدائد التي تلقاها عند قرب الموت ليست أكثر مما تلقاها بالقولنج والطلق وغيرهما، وليس شيء من هذه يمنع من بقاء التكليف، فكذلك تلك.
ولأنّه عند القرب يصير مضطراً فيكون ذلك سبباً للقبول، ولكنه تعالى يفعل ما يشاء.
وعد بقبول التوبة في بعض الأوقات، وبعدله أخبر عن عدم قبولها في وقت آخر، وله أن يجعل المقبول مردوداً، والمردود مقبولاً، ﴿ لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ﴾ وقد رد على المعتزلة في دعواهم سقوط التكليف بالعلم بالله إذا صار ضرورة، وفي دعواهم أنّ مشاهدة أحوال الآخرة يوجب العلم بالله على سبيل الاضطرار.
وقال الربيع : نزلت وليست التوبة في المسلمين، ثم نسخها :﴿ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لم يشاء ﴾ فحتم أن لا يغفر للكافرين، وأرجى المؤمنين إلى مشيئته.
وطعن على ابن زيد : بأن الآية خبر، والأخبار لا تنسخ.