وأجيب : بأنها تضمنت تقرير حكم شرعي، فيجوز نسخ ذلك الحكم، ولا يحتاج إلى ادعاء نسخ، لأن هذه الآية لم تتضمن أنَّ من لا توبة له مقبولة من المؤمنين لا يغفر له، فيحتاج أن ينسخ بقوله : ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.
وظاهر قوله : ولا الذين يموتون وهم كفار أن هؤلاء مغايرون لقوله : الذين يعملون السيئات، لأنّ أصل المتعاطفين أن يكونا غيرين، وللتأكيد بلا المشعرة بانتفاء الحكم عن كل واحد تقول : هذا ليس لزيد وعمرو بل لأحدهما، وليس هذا لزيد ولا لعمرو، فينتفي عن كل واحد منهما، ولا يجوز أن تقول : بل لأحدهما، وليس هذا لزيد ولا لعمرو، فينتفي عن كل واحد منهما، ولا يجوز أن تقول : بل لأحدهما.
وإذا تقرر هذا اتضح ضعف قول الزمخشري في قوله :( فإن قلت ) : من المراد بالذين يعملون السيئات، أهم الفساق من أهل القبلة، أم الكفار ؟ ( قلت ) : فيه وجهان : أحدهما : أن يراد به الكفار لظاهر قوله : وهم كفار، وأن يراد الفساق لأن الكلام إنما وقع في الزانيين، والإعراض عنهما إن تابا وأصلحا، ويكون قوله : وهم كفار وارداً على سبيل التغليظ كقوله :﴿ ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ﴾ وقوله :" فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً "، من ترك الصلاة متعمداً فقد كفر، لأنّ من كان مصدقاً ومات وهو لا يحدث نفسه بالتوبة حاله قريبة من حال الكافر، لأنه لا يجتري على ذلك إلا قلب مصمت انتهى لامه.
وهو في غاية الاضطراب، لأنه قبل ذلك حمل الآية على أنها دالة على قسمين : أحدهما : الذين سوفوا التوبة إلى حضور الموت، والثاني : الذين ماتوا على الكفر.
وفي هذا الجواب حمل الآية على أنها أريد بها أحد القسمين.