أما الكفار فقط وهم الذين وصفوا عنده بأنهم يعملون السيئات ويموتون على الكفر، وعلل هذا الوجه بقوله : لظاهر قوله : وهم كفار، فجعل هذه الحالة دالة على أنه أريد بالذين يعملون السيئات هم الكفار، وأما الفساق من المؤمنين فيكون قوله : وهم كفار لا يراد به الكفر حقيقة، ولا أنهم يوافون على الكفر حقيقة، وإنما جاء ذلك على سبيل التغليظ عنده : فقد خالف تفسيره في هذا الجواب صدر تفسيره الآية، أولاً وكل ذلك انتصار لمذهبه حتى يرتب العذاب : إما للكافر، وإما للفاسق، فخرج بذلك عن قوانين النحو، والحمل على الظاهر.
لأن قوله : وهم كفار، ليس ظاهره إلا أنه قيد في قوله : ولا الذين يموتون، وظاهره الموافاة على الكفر حقيقة.
وكما أنه شرط في انتفاء قبول توبة الذين يعملون السيئات إيقاعها في حال حضور الموت، كذلك شرط في ذلك كفرهم حالة الموت، وظاهر العطف التغاير والزمخشري كما قيل في المثل : حبك الشيء يعمي ويصم.
وجاء يعملون بصيغة المضارع لا بصيغة الماضي إشعاراً بأنهم مصرون على عمل السيئات إلى أن يحضرهم الموت.
وظاهر قوله : قال إني تبت الآن، وهو توبتهم عند معاينة الموت فلم تقبل تفسيره، فلا تقبل توبتهم لأنها توبة دفع.
وقيل : قوله تبت الآن توبة شريطية فلم تقبل، لأنه لم يقطع بها.
وقوله : وليست التوبة ظاهرة النفي لوجودها، والمعنى على نفي القبول أي : أن توبتهم وإن وجدت فليست بمقبولة.
وظاهر قوله : ولا الذين يموتون وهم كفار، وقوع الموت حقيقة.
فالمعنى : أنهم لو تابوا في الآخرة لم تقبل توبتهم، لأنه لا يمكن ذلك في الدنيا، لأنهم ماتوا ملتبسين بالكفر.
قيل : ويحتمل أن يراد بقوله : يموتون، يقربون من الموت كما في قوله :﴿ حضر أحدهم الموت ﴾ أي علاماته.


الصفحة التالية
Icon