وقال الزهري وأبو مَجْلِز : كان من عادتهم إذا مات الرجل يُلقي ابنُه من غيرها أو أقربُ عصبته ثوبه على المرأة فيصير أحق بها من نفسها ومن أوليائها ؛ فإن شاء تزوّجها بغير صداق إلا الصداق الذي أصدقها الميت ؛ وإن شاء زوّجها من غيره وأخذ صداقها ولم يعطها شيئاً ؛ وإن شاء عَضَلها لتفْتَدِيَ منه بما ورثته من الميت أو تموت فيرثها، فأنزل الله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النسآء كَرْهاً ﴾.
فيكون المعنى : لا يحل لكم أن ترثوهنّ من أزواجهنّ فتكونوا أزواجاً لهنّ.
وقيل : كان الوارث إن سبق فألقى عليها ثوباً فهو أحق بها، وإن سبقته فذهبت إلى أهلها كانت أحق بنفسها ؛ قاله السدّي.
وقيل : كان يكون عند الرجل عجوز ونفسه تتوق إلى الشابّة فيكره فراق العجوز لمالها فيمسكها ولا يقربها حتى تَفْتدي منه بمالها أو تموت فيرث مالها.
فنزلت هذه الآية.
وأُمر الزوج أن يطلقها إن كره صحبتها ولا يمسكها كرها ؛ فذلك قوله تعالى :﴿ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النسآء كَرْهاً ﴾.
والمقصود من الآية إذهاب ما كانوا عليه في جاهليتهم، وألا تُجعل النساءُ كالمال يُورَثْن عن الرجال كما يورث المال. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٩٤ ـ ٩٥﴾.
فائدة
قال ابن عاشور :
وصيغة ﴿ لا يحل ﴾ صيغة نهي صريح لأنّ الحلّ هو الإباحة في لسان العرب ولسان الشريعة، فنفيه يرادف معنى التحريم.