قيل لهم : إنما سكت عنه ؛ لأنه ثابت بكتاب الله تعالى، فليس يمتنع أن يسكت عنه لشهرته والتنصيص عليه في القرآن ؛ لأن قوله تعالى :﴿ الزانية والزاني فاجلدوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴾ [ النور : ٢ ] يعم جميع الزناة.
والله أعلم.
ويبين هذا فعل عليّ بأخذه عن الخلفاء رضي الله عنهم ولم ينكر عليه فقيل له : عملت بالمنسوخ وتركت الناسخ. وهذا واضح. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٨٦ ـ ٨٧﴾. بتصرف يسير.
فصل
قال الفخر :
الذين قالوا : إن الآية الأولى في الزناة قالوا : هذه الآية أيضا في الزناة فعند هذا اختلفوا في أنه ما السبب في هذا التكرير وما الفائدة فيه ؟ وذكروا فيه وجوها : الأول : أن المراد من قوله :﴿واللاتى يَأْتِينَ الفاحشة مِن نّسَائِكُمْ﴾ [ النساء : ١٥ ] المراد منه الزواني، والمراد من قوله :﴿واللذان يأتيانها مِنكُمْ﴾ الزناة، ثم انه تعالى خص الحبس في البيت بالمرأة وخص الايذاء بالرجل، والسبب فيه أن المرأة إنما تقع في الزنا عند الخروج والبروز، فإذا حبست في البيت انقطعت مادة هذه المعصية، وأما الرجل فإنه لا يمكن حبسه في البيت، لأنه يحتاج إلى الخروج في إصلاح معاشه وترتيب مهماته واكتساب قوت عياله، فلا جرم جعلت عقوبة المرأة الزانية الحبس في البيت، وجعلت عقوبة الرجل الزاني أن يؤذى، فإذا تاب ترك إيذاؤه، ويحتمل أيضاً أن يقال إن الايذاء كان مشتركا بين الرجل والمرأة، والحبس كان من خواص المرأة، فإذا تابا أزيل الايذاء عنهما وبقي الحبس على المرأة، وهذا أحسن الوجوه المذكورة.
الثاني : قال السدي : المراد بهذه الآية البكر من الرجل والنساء، وبالآية الأولى الثيب، وحينئذ يظهر التفاوت بين الآيتين.
قالوا : ويدل على هذا التفسير وجوه :