واختلفوا في أنه هل يدخل فيه الضرب ؟ فعن ابن عباس أنه يضرب بالنعال، والأول أولى لأن مدلول النص إنما هو الإيذاء، وذلك حاصل بمجرد الإيذاء باللسان، ولا يكون في النص دلالة على الضرب فلا يجوز المصير إليه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٩٠﴾
فصل
قال القرطبى :
واختلفوا في نفي البكر مع الجلد ؛ فالذي عليه الجمهور أنه ينفى مع الجلد ؛ قاله الخلفاء الراشدون : أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ، وهو قول ابن عمر رضوان الله عليهم أجمعين، وبه قال عطاء وطاوس وسفيان ومالك وابن أبي ليلى والشافعيّ وأحمد وإسحاق وأبو ثور.
وقال بتركه حماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن.
والحجة للجمهور حديث عُبادة المذكور، وحديث أبي هريرة وزيد بن خالد، حديث العَسِيف وفيه : فقال النبي ﷺ :" والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله أما غنمك وجاريتك فرد عليك " وجلد ابنه مائة وغرّبه عاماً.
أخرجه الأئمة.
احتج من لم ير نفيه بحديث أبي هريرة في الأَمَةَ.
ذكر فيه الجلد دون النفي.
وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهريّ عن سعيد بن المسيب قال : غرّب عمر ربيعة بن أبي أُمية بن خلف في الخمر إلى خيبر فلحق بِهَرْقل فتنصَّر ؛ فقال عمر : لا أغرّب مسلماً بعد هذا.
قالوا : ولو كان التغريب حَدّاً لله تعالى ما تركه عمر بعدُ.
ثم إن النص الذي في الكتاب إنما هو الجلد، والزيادة على النص نسخ ؛ فيلزم عليه نسخ القاطع بخبر الواحد.
والجواب : أمّا حديث أبي هريرة فإنَّما هو في الإماء لا في الأحرار وقد صحّ عن عبد الله بن عمر أنه ضرب أَمَتَه في الزنا ونفاها.
وأما حديث عمر وقوله : لا أغرب بعده مسلماً، فيعني في الخمر والله أعلم لما رواه نافع عن ابن عمر : أن النبيّ ﷺ ضرب وغرّب، وأن أبا بكر ضرب وغرّب، وأن عمر ضرب وغرب.