واتّفقوا على أنّ المرأة لا تغرّب لأنّ تغريبها ضيعة، وأنكر أبو حنيفة التغريب لأنّه نقْل ضرّ من مكان إلى آخر وعوّضه بالسجن ولا يعرف بين أهل العلم الجمع بين الرجم والضرب ولا يظنّ بشريعة الإسلام ذلك ورُوي أنّ عليّا جَلد شراحة الهمْدانية ورجمها بعد الجلد، وقال : جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله.
وقرن بالفاء خبر الموصولين من قوله :﴿ فاستشهدوا ﴾ وقوله ﴿ فآذوهما ﴾ لأنّ الموصول أشرب معنى الشرط تنبيها على أنّ صلة الموصول سبب في الحكم الدالّ عليه خبره، فصار خبر الموصول مثل جواب الشرط ويظهر لي أنّ ذلك عندما يكون الخبر جملة، وغير صالحة لمباشرة أدوات الشرط، بحيث لو كانت جزَاء للزم اقترانها بالفاء.
هكذا وجدنا من استقراء كلامهم، وهذا الأسلوب إنّما يقع في الصلات التي تُومِىء إلى وجه بناء الخبر، لأنّها التي تعطي رائحة التسبّب في الخبر الوارد بعدها.
ولك أن تجعل دخول الفاء علامة على كون الفاء نائبة عن ( أَمَّا ).
ومن البيّن أنّ إتيانَ النساء بالفاحشة هو الذي سبّب إمساكهن في البيوت، وإن كان قد بني نظم الكلام على جعل ﴿ فاستشهدوا عليهن ﴾ هو الخبر، لكنّه خبر صوري وإلاّ فإنّ الخبر هو ﴿ فأمسكوهن ﴾، لكنّه جيء به جواباً لشرط هو متفرّع على ﴿ فإن شهدوا ﴾ ففاء ﴿ فاستشهدوا ﴾ هي الفاء المشبّهة لفاء الجواب، وفاء ﴿ فإن شهدوا ﴾ تفريعية، وفاء ﴿ فأمسكوهن ﴾ جزائية، ولولا قصد الاهتمام بإعداد الشهادة قبل الحكم بالحبس في البيوت لقيل : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فأمسكوهنّ في البيوت إن شهد عليهنّ أربعة منكم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ٥٩ ـ ٦٣﴾


الصفحة التالية
Icon