فصل
قال الفخر :
قوله :﴿يَأْتِينَ الفاحشة﴾ أي يفعلنها يقال : أتيت أمرا قبيحا، أي فعلته قال تعالى :﴿لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً﴾ [ مريم : ٢٧ ] وقال :﴿لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً﴾ [ مريم : ٨٩ ] وفي التعبير عن الإقدام على الفواحش بهذه العبارة لطيفة، وهي أن الله تعالى لما نهى المكلف عن فعل هذه المعاصي، فهو تعالى لا يعين المكلف على فعلها، بل المكلف كأنه ذهب إليها من عند نفسه، واختارها بمجرد طبعه، فلهذه الفائدة يقال : إنه جاء إلى تلك الفاحشة وذهب إليها، إلا أن هذه الدقيقة لا تتم إلا على قول المعتزلة.
وفي قراءة ابن مسعود : يأتين بالفاحشة، وأما الفاحشة فهي الفعلة القبيحة وهي مصدر عند أهل اللغة كالعاقبة يقال : فحش الرجل يفحش فحشا وفاحشة، وأفحش إذا جاء بالقبيح من القول أو الفعل.
وأجمعوا على أن الفاحشة ههنا الزنا، وإنما أطلق على الزنا اسم الفاحشة لزيادتها في القبح على كثير من القبائح.
فإن قيل : الكفر أقبح منه، وقتل النفس أقبح منه، ولا يسمى ذلك فاحشة.