قلنا : السبب في ذلك أن القوى المدبرة لبدن الإنسان ثلاثة : القوة الناطقة، والقوة الغضبية والقوة الشهوانية، ففساد القوة الناطقة هو الكفر والبدعة وما يشبههما، وفساد القوة الغضبية هو القتل والغضب وما يشبههما، وفساد القوة الشهوانية هو الزنا واللواط والسحق وما أشبهها، وأخس هذه القوى الثلاثة : القوة الشهوانية، فلا جرم كان فسادها أخس أنواع الفساد، فلهذا السبب خص هذا العمل بالفاحشة والله أعلم بمراده. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٨٦ ـ ١٨٧﴾
فصل
قال الفخر :
في المراد بقوله :﴿واللاتى يَأْتِينَ الفاحشة مِن نّسَائِكُمْ﴾ قولان :
الأول : المراد منه الزنا، وذلك لأن المرأة إذا نسبت إلى الزنا فلا سبيل لأحد عليها إلا بأن يشهد أربعة رجال مسلمون على أنها ارتكبت الزنا، فإذا شهدوا عليها أمسكت في بيت محبوسة إلى أن تموت أو يجعل الله لهن سبيلا، وهذا قول جمهور المفسرين.
والقول الثاني : وهو اختيار أبي مسلم الأصفهاني : أن المراد بقوله :﴿واللاتى يَأْتِينَ الفاحشة﴾ السحاقات، وحدهن الحبس إلى الموت وبقوله :﴿واللذان يأتيانها مِنكُمْ﴾ [ النساء : ١٦ ] أهل اللواط، وحدهما الأذى بالقول والفعل، والمراد بالآية المذكورة في سورة النور : الزنا بين الرجل والمرأة، وحده في البكر الجلد، وفي المحصن الرجم، واحتج ابو مسلم عليه بوجوه : الأول : أن قوله :﴿واللاتى يَأْتِينَ الفاحشة مِن نّسَائِكُمْ﴾ مخصوص بالنسوان، وقوله :﴿واللذان يأتيانها مِنكُمْ﴾ مخصوص بالرجال، لأن قوله :﴿واللذان﴾ تثنية الذكور.
فإن قيل : لم لا يجوز أن يكون المراد بقوله :﴿واللذان﴾ الذكر والأنثى إلا أنه غلب لفظ المذكر.