قال الطحاوي : وكل هذا من المحكم المتفق عليه، وغير جائز نكاح واحدة منهنّ بإجماعٍ إلاَّ أُمهات النساء اللواتي لم يدخل بهنّ أزواجهنّ ؛ فإن جمهور السلف ذهبوا إلى أن الأُم تحرم بالعقد على الابنة، ولا تحرم الابنة إلاَّ بالدخول بالأُمِّ ؛ وبهذا قول جميع أئمة الفتوى بالأمصار.
وقالت طائفة من السلف : الأُم والربيبة سواء، لا تحرم منهما واحدة إلاَّ بالدخول بالأُخرى.
قالوا : ومعنى قوله :﴿ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ ﴾ أي اللاتي دخلتم بهنّ.
﴿ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتي فِي حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاتي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ﴾.
وزعموا أن شرط الدخول راجع إلى الأُمهات والربائب جميعاً ؛ رواه خِلاَسٌ عن عليّ بن أبي طالب.
وروي عن ابن عباسٍ وجابرٍ وزيد بن ثابت، وهو قول ابن الزبير ومجاهد.
قال مجاهد : الدّخول مراد في النازلتين ؛ وقول الجمهور مخالف لهذا وعليه الحكم والفتيا، وقد شدّد أهل العراق فيه حتى قالوا : لو وطئها بزنًى أو قبّلها أو لمسها بشهوة حرمت عليه ابنتها.
وعندنا وعند الشافعيّ إنما تحرم بالنكاحِ الصحيح ؛ والحرام لا يحرّم الحلال على ما يأتي.
وحديث خِلاسٍ عن عليّ لا تقوم به حجة، ولا تصح روايته عند أهل العلم بالحديث، والصحيح عنه مثل قولِ الجماعةِ.
قال ابن جريج : قلت لعطاء الرجل ينكِح المرأة ثم لا يراها ولا يجامعها حتى يطلقها أوَ تحِلّ له أُمها ؟ قال : لا، هي مرسلة دخل بها أو لم يدخل.
فقلت له : أكان ابن عباس يقرأ :﴿ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ اللاتي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ﴾ ؟ قال : لا لا.


الصفحة التالية