قوله تعالى ﴿ فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً ﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أن سوء العشرة إما أن يكون من قبل الزوج، وإما أن يكون من قبل الزوجة، فإن كان من قبل الزوج كره له أنه يأخذ شيئا من مهرها لأن قوله تعالى :﴿وَإِنْ أَرَدْتُّمُ استبدال زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَءاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً﴾ صريح في أن النشوز إذا كان من قبله فإنه يكون منهيا عن أن يأخذ من مهرها شيئا، ثم ان وقعت المخالعة ملك الزوج بدل الخلع، كما ان البيع وقت النداء منهي عنه، ثم انه يفيد الملك، وإذا كان النشوز من قبل المرأة فههنا يحل أخذ بدل الخلع ؛ لقوله تعالى :﴿وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيّنَةٍ﴾ [ النساء : ١٩ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٢ ـ ١٣﴾
فصل
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً ﴾ قال بكر بن عبد الله المزنيّ : لا يأخذ الزوج من المختلعة شيئاً ؛ لقول الله تعالى ؛ ﴿ فَلاَ تَأْخُذُواْ ﴾، وجعلها ناسخة لآية "البقرة".
وقال ابن زيد وغيره : هي منسوخة بقوله تعالى في سورة البقرة ﴿ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً ﴾ [ البقرة : ٢٢٩ ].
والصحيح أن هذه الآيات مُحْكَمَةٌ وليس فيها ناسخ ولا منسوخ وكلها يبني بعضها على بعض.
قال الطبريّ : هي مُحْكَمَةٌ، ولا معنى لقول بكر : إن أرادت هي العطاء ؛ فقد جوّز النبيّ ﷺ لثَابِت أن يأخذ منه زوجته ما ساق إليها. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ١٠١ ـ ١٠٢﴾.
فائدة
قال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ فلا تأخذوا منه شيئاً ﴾ إنما ذلك في حق من وطئها، أو خلا بها، وقد بيّنَتْ ذلك الآية التي بعدها.