قال القاضي أبو يعلى : وإنما خصّ النهي عن أخذ شيء مما أعطى بحال الاستبدال، وإن كان المنع عاماً، لئلا يظن ظان أنه لما عاد البضع إلى ملكها، وجب أن يسقط حقها من المهر، أو يظن ظان أن الثانية أولى بالمهر منها، لقيامها مقامها. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ٤٣﴾
قوله تعالى ﴿أَتَأْخُذُونَهُ بهتانا وَإِثْماً مُّبِيناً﴾
قال الفخر :
البهتان في اللغة الكذب الذي يواجه الإنسان به صاحبه على جهة المكابرة، وأصله من بهت الرجل إذا تحير، فالبهتان كذب يحير الإنسان لعظمته، ثم جعل كل باطل يتحير من بطلانه ﴿بهتانا﴾، ومنه الحديث :" إذا واجهت أخاك بما ليس فيه فقد بهته ". أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٣﴾
قال الماوردى :
﴿ أَتَأْخُذُونُه بُهْتَاناً ﴾ فيه قولان :
أحدهما : ظلماً بالبهتان.
والثاني : أن يبهتها أن جعل ذلك ليسترجعه منها.
وإنما منع من ذلك مع الاستبدال بهن وإن كان ممنوعاً منه وإن لم يستبدل بهن أيضاً لِئَلا يتوهم متوهم أنه يجور مع استبدال غيرها بها أن يأخذ ما دفعه إليها ليدفعه إلى من استبدل بها منه وإن كان ذلك عموماً. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٤٦٦ ـ ٤٦٧﴾

فصل


قال الفخر :
في تسمية هذا الأخذ "بهتانا" وجوه :
الأول : أنه تعالى فرض لها ذلك المهر فمن استرده كان كأنه يقول : ليس ذلك بفرض فيكون بهتانا.
الثاني : أنه عند العقد تكفل بتسليم ذلك المهر إليها، وأن لا يأخذه منها، فإذا أخذه صار ذلك القول الأول بهتانا.
الثالث : أنا ذكرنا أنه كان من دأبهم أنهم إذا أرادوا تطليق الزوجة رموها بفاحشة حتى تخاف وتشتري نفسها منه بذلك المهر، فلما كان هذا الأمر واقعا على هذا الوجه في الأغلب الأكثر، جعل كأن أحدهما هو الآخر.


الصفحة التالية
Icon