قلنا : القائل قائلان، قائل يقول : المهر لا يتقرر إلا بالجماع، وآخر : انه يتقرر بمجرد الخلوة وليس في الأمة أحد يقول إنه يتقرر بالملامسة والمضاجعة، فكان هذا القول باطلا بالاجماع، فلم يبق في تفسير إفضاء بعضهم إلى بعض إلا أحد أمرين : إما الجماع، وإما الخلوة، والقول بالخلوة باطل لما بيناه، فبقي أن المراد بالافضاء هو الجماع.
الرابع : أن المهر قبل الخلوة ما كان متقرراً، والشرع قد علق تقرره على إفضاء البعض إلى البعض، وقد اشتبه الأمر في أن المراد بهذا الإفضاء، هو الخلوة أو الجماع، وإذا وقع الشك وجب بقاء ما كان على ما كان، وهو عدم التقرير، فبهذه الوجوه ظهر ترجيح مذهب الشافعي. والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٤﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ ﴾ الآية.
تعليل لمنع الأخذ مع الخلوة.
وقال بعضهم : الإفضاء إذا كان معها في لحاف واحد جامع أو لم يجامع ؛ حكاه الهرويّ وهو قول الكلبيّ.
وقال الفرّاء : الإفضاء أن يخلو الرجل والمرأة وأن يجامعها.
وقال ابن عباس ومجاهد والسدي وغيرهم : الإفضاء في هذه الآية الجماع.
قال ابن عباس : ولكن الله كريم يَكْنِي.
وأصل الإفْضَاء في اللغة المخالطة ؛ ويُقال للشيء المختلط : فَضاً.
قال الشاعر :
فقلتُ لها يا عمّتي لكِ ناقتي...
وتَمْرٌ فَضاً فِي عَيْبَتِي وَزَبِيبُ
ويُقال : القوم فوضى فَضاً، أي مختلطون لا أمير عليهم.
وعلى أن معنى "أفضى" خلا وإن لم يكن جامعَ، هل يتقرّر المهر بوجود الخلوة أم لا ؟ اختلف علماؤنا في ذلك على أربعة أقوال : يستقرّ بمجرّد الخلوة.
لا يستقرّ إلاَّ بالوطء.
يستقر بالخلوة في بيت الإهداء.
التفرقة بين بيته وبيتها.