والصحيح استقراره بالخلوة مطلقاً، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ؛ قالوا : إذا خلا بها خلوة صحيحة يجب كمال المهر والعِدّة دخل بها أو لم يدخل بها ؛ لما رواه الدارقطنِي عن ثوبان قال قال رسول الله ﷺ :" من كشف خِمار امرأة ونظر إليها وجب الصداق " وقال عمر : إذا أغلق باباً وأرخى ستراً ورأى عورة فقد وجب الصداق وعليها العدّة ولها الميراث.
وعن عليّ : إذا أغلق باباً وأرخى ستراً ورأى عورة فقد وجد الصداق.
وقال مالك : إذا طال مكثه معها مثل السنة ونحوها، واتفقا على ألاّ مسِيس وطلبت المهر كله كان لها.
وقال الشافعيّ : لا عِدّة عليها ولها نصف المهر.
وقد مضى في "البقرة". أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ١٠٢﴾.
فائدة
قال الفخر :
قوله :﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أفضى بَعْضُكُمْ إلى بَعْضٍ﴾ كلمة تعجب، أي لأي وجه ولأي معنى تفعلون هذا ؟ فإنها بذلت نفسها لك وجعلت ذاتها لذتك وتمتعك، وحصلت الألفة التامة والمودة الكاملة بينكما، فكيف يليق بالعاقل أن يسترد منها شيئاً بذله لها بطبية نفسه ؟ إن هذا لا يليق ألبتة بمن له طبع سليم وذوق مستقيم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٤﴾
قوله تعالى ﴿وَأَخَذْنَ مِنكُم ميثاقا غَلِيظاً﴾
فصل
قال الفخر :
قوله :﴿وَأَخَذْنَ مِنكُم ميثاقا غَلِيظاً﴾ في تفسير هذا الميثاق الغليظ وجوه :
الأول : قال السدي وعكرمة والفراء : هو قولهم زوجتك هذه المرأة على ما أخذه الله للنساء على الرجال، من إمساك بمعروف أو تسريح باحسان، ومعلوم أنه إذا ألجأها إلى أن بذلت المهر فما سرحها بالإحسان، بل سرحها بالإساءة.