أي فهنّ لكم حلال إذا انقضت عدّتهنّ.
وهذا نصّ صحيح صريحٌ في أن الآية نزلت بسبب تحرّج أصحاب النبيّ ﷺ عن وطء المَسْبِيّات ذواتِ الأزواج ؛ فأنزل الله تعالى في جوابهم ﴿ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ ﴾.
وبه قال مالك وأبو حنيفة وأصحابه والشافعيّ وأحمد وإسحاق وأبو ثَوْر، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى.
واختلفوا في استبرائها بماذا يكون ؛ فقال الحسن : كان أصحاب رسول الله ﷺ يستبرؤون المَسْبِيّة بحيضة ؛ وقد رُوي ذلك من حديث أبي سعيد الخُدْرِيّ في سبايا أوْطاس :" لا توطأ حاملٌ حتى تضع ولا حائل حتى تحيض " ولم يجعل لفراش الزوج السابق أثراً حتى يقال إن المسبِية مملوكةٌ ولكنها كانت زوجة زال نكاحها فتعتد عدّة الإماء، على ما نُقل عن الحسن بن صالح قال : عليها العدّة حيضتان إذا كان لها زوج في دار الحرب.
وكافة العلماء رأوا استبراءها واستبراء التي لا زوج لها واحداً في أن الجميع بحيضة واحدة.
والمشهور من مذهب مالك أنه لا فرق بين أن يسبى الزوجان مجتمعَيْن أو متفرّقين.
ورَوى عنه ابن بكير أنهما إن سُبِيا جميعاً واستبقي الرجل أقرّا على نكاحهما ؛ فرأى في هذه الرواية أن استبقاءه إبقاء لما يملكه ؛ لأنه قد صار له عهدٌ وزوجته من جملة ما يملكه، فلا يحال بينه وبينها ؛ وهو قول أبي حنيفة والثَّوْريّ، وبه قال ابن القاسم ورواه عن مالك.
والصحيح الأوّل ؛ لما ذكرناه ؛ ولأن الله تعالى قال :﴿ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ ﴾ فأحال على مِلْك اليمين وجعله هو المؤثِّر فيتعلّق الحكم به من حيث العموم والتعليل جميعاً إلا ما خصّه الدليل.


الصفحة التالية
Icon