وفي الآية قول ثانٍ قاله عبد الله بن مسعود وسعيد بن المسيِّب والحسن بن أبي الحسن وأُبيّ بن كعب وجابر بن عبد الله وابن عباس في رواية عِكرِمة : أن المراد بالآية ذواتُ الأزواج، أي فهنّ حرام إلاَّ أن يشتري الرجل الأَمةَ ذاتَ الزوج فإن بيعها طلاقُها والصدقة بها طلاقُها وأن تورث طلاقُها وتطليق الزوج طلاقها.
قال ابن مسعود : فإذا بيعت الأمة ولها زوج فالمشتري أحق ببُضْعها وكذلك المَسْبِية ؛ كل ذلك موجب للفُرقة بينها وبين زوجها.
قالوا : وإذا كان كذلك فلا بدّ أن يكون بيع الأمة طلاقاً لها ؛ لأن الفرج محرّم على اثنين في حال واحدة بإجماع من المسلمين.
قلت ؛ وهذا يردّه حديث بَرِيرة ؛ لأن عائشة رضي الله عنها اشترت بَرِيرة وأعتقتها ثم خيرها النبي ﷺ وكانت ذات زوج، وفي إجماعهم على أن بريرة قد خُيِّرت تحت زوجها مُغِيثٍ بعد أن اشترتها عائشة فأعتقتها لدليلٌ على أن بيع الأَمَة ليس طلاقها ؛ وعلى ذلك جماعة فقهاء الأمصار من أهل الرأي والحديث، وألاّ طلاق لها إلاَّ الطلاق.
وقد احتج بعضهم بعموم قوله :﴿ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ ﴾ وقياساً على المَسْبِيّات.
وما ذكرناه من حديث بَريرة يخصُّه ويردّه، وأن ذلك إنما هو خاص بالمَسْبِيّات على حديث أبي سعيدٍ، وهو الصواب والحق إن شاء الله تعالى.
وفي الآية قول ثالث روى الثَّوْرِيّ عن مجاهد عن إبراهيم قال ابن مسعود في قوله تعالى :﴿ والمحصنات مِنَ النسآء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ قال : ذوات الأزواج من المسلمين والمشركين.
وقال عليّ بن أبي طالب : ذوات الأزواج من المشركين.
وفي الموطّأ عن سعيد بن المسيّب ﴿ والمحصنات مِنَ النسآء ﴾ هنّ ذواتُ الأزواج ؛ ويرجع ذلك إلى أن الله حرّم الزنى.