وقال أبو السعود :
وقوله تعالى :﴿ والله أَعْلَمُ بإيمانكم ﴾ جملةٌ معترضةٌ جيء بها لتأنيسهم بنكاح الإماءِ واستنزالِهم من رتبة الاستنكافِ منه ببيان أن مناطَ التفاضُل ومدارَ التفاخُرِ هو الإيمانُ دون الأحساب والأنسابِ على ما نطَق به قولُه عز قائلاً :﴿ يأَيُّهَا الناس إِنَّا خلقناكم مّن ذَكَرٍ وأنثى وجعلناكم شُعُوباً وَقَبَائِلَ لتعارفوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أتقاكم ﴾ والمعنى أنه تعالى أعلمُ منكم بمراتبكم في الإيمان الذي به تنتظِمُ أحوالُ العبادِ وعليه يدور فلَكُ المصالحِ في المعاش والمعادِ ولا تعلّقَ له بخصوص الحريةِ والرقِّ، فرُبّ أمةً يفوق إيمانُها إيمانَ الحرائرِ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٢ صـ ١٦٧﴾
قوله تعالى ﴿بَعْضُكُم مّن بَعْضٍ فانكحوهن بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾
قال الفخر :
فيه وجهان : الأول : كلكم أولاد آدم فلا تداخلنكم أنفة من تزوج الإماء عند الضرورة.
والثاني : أن المعنى : كلكم مشتركون في الإيمان، والإيمان أعظم الفضائل، فإذا حصل الاشتراك في أعظم الفضائل كان التفاوت فيما وراءه غير ملتفت إليه، ونظيره قوله تعالى :﴿والمؤمنون والمؤمنات بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ﴾ [ التوبة : ٧١ ] وقوله :﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أتقاكم﴾ [ الحجرات : ١٣ ] قال الزجاج : فهذا الثاني أولى لتقدم ذكر المؤمنات، أو لأن الشرف بشرف الإسلام أولى منه بسائر الصفات، وهو يقوي قول الشافعي رضي الله عنه : إن الإيمان شرط لجواز نكاح الأمة.
واعلم أن الحكمة في ذكر هذه الكلمة أن العرب كانوا يفتخرون بالأنساب، فاعلم في ذكر هذه الكلمة أن الله لا ينظر ويلتفت إليه.