وقال أبو حنيفة رضي الله عنه : يصح، احتج الشافعي بهذه الآية، وتقريره أن الضمير في قوله :﴿فانكحوهن بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ عائد إلى الإماء، والأمة ذات موصوفة بصفة الرق، وصفة الرق صفة زائلة، والإشارة إلى الذات الموصوفة بصفة زائلة ذات موصوفة بصفة الرق، وصفة الرق صفة زائلة، والإشارة إلى الذات الموصوفة بصفة زائلة لا يتناول الاشارة إلى تلك الصفة، ألا ترى أنه لو حلف لا يتكلم مع هذا الشاب فصار شيخا ثم تكلم معه يحنث في يمينه، فثبت أن الاشارة إلى الذات الموصوفة بصفة عرضية زائلة، باقية بعد زوال تلك الصفة العرضية، وإذا ثبت هذا فنقول : قوله :﴿فانكحوهن بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ اشارة إلى الإماء، فهذه الاشارة وجب أن تكون باقية حال زوال الرق عنهن، وحصول صفة الحرية لهن، وإذا كان كذلك فالحرة البالغة العاقلة في هذه الصورة يتوقف جواز نكاحها على إذن وليها، وإذا ثبت ذلك في هذه الصورة وجب ثبوت هذا الحكم في سائر الصور ؛ ضرورة أنه لا قائل بالفرق.
احتج أبو بكر الرازي بهذه الآية على فساد قول الشافعي في هذه المسألة فقال : مذهبه أنه لا عبارة للمرأة في عقد النكاح، فعلى هذا لا يجوز للمرأة أن تزوج أمتها، بل مذهبه أن توكل غيرها بتزويج أمتها.
قال : وهذه الآية تبطل ذلك، لأن ظاهر هذه الآية يدل على الاكتفاء بحصول إذن أهلها، فمن قال لا يكفي ذلك كان تاركا لظاهر الآية.
والجواب من وجوه :
الأول : أن المراد بالإذن الرضا.
وعندنا أن رضا المولى لا بد منه، فأما أنه كاف فليس في الآية دليل عليه، وثانيها : أن أهلهن عبارة عمن يقدر على نكاحهن، وذلك إما المولى أن كان رجلا، أو ولي مولاها إن كان مولاها امرأة.


الصفحة التالية
Icon