فائدة
قال البيضاوى :
وتخصيص التجارة من الوجوه التي بها يحل تناول مال الغير، لأنها أغلب وأرفق لذوي المروءات، ويجوز أن يراد بها الانتقال مطلقاً. وقيل : المراد بالنهي المنع عن صرف المال فيما لا يرضاه الله. وبالتجارة صرفه فيما يرضاه. أ هـ ﴿تفسير البيضاوى حـ ٢ صـ ١٧٦﴾
فصل
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ ﴾ أي عن رِضًى، إلا أنها جاءت من المفاعلة إذ التجارة من اثنين.
واختلف العلماء في التراضي ؛ فقالت طائفة : تمامه وجزمه بافتراق الأبدان بعد عقدة البيع، أو بأن يقول أحدهما لصاحبه : اختر ؛ فيقول : قد اخترت، وذلك بعد العقدة أيضاً فينجزم أيضاً وإن لم يتفرّقا ؛ قاله جماعة من الصحابة والتابعين، وبه قال الشافعيّ والثَّوْريّ والأُوزاعي والليث وابن عُيَيْنة وإسحاق وغيرهم.
قال الأُوزاعيّ : هما بالخيار ما لم يتفرّقا ؛ إلاّ بيوعاً ثلاثة : بيع السلطان المغانم، والشركةُ في الميراث، والشركة في التجارة ؛ فإذا صافقه في هذه الثلاثة فقد وجب البيع وليسا فيه بالخيار.
وقال : وحّد التفرقة أن يتوارى كل واحد منهما عن صاحبه ؛ وهو قول أهل الشام.
وقال الليث : التفرّق أن يقوم أحدهما.
وكان أحمد بن حنبل يقول : هما بالخيار أبداً ما لم يتفرقا بأبدانهما، وسواء قالا : اخترنا أو لم يقولاه حتى يفترقا بأبدانهما من مكانهما ؛ وقاله الشافعيّ أيضاً.
وهو الصحيح في هذا الباب للأحاديث الواردة في ذلك.
وهو مرويّ عن ابن عمر وأبي بَرْزة وجماعة من العلماء.
وقال مالك وأبو حنيفة : تمام البيع هو أن يعقد البيع بالألسنة فينجزم العقد بذلك ويرتفع الخيار.
قال محمد بن الحسن : معنى قوله في الحديث :" البَيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا " أن البائع إذا قال : قد بعتك، فله أن يرجع ما لم يقل المشتري قد قبلت.