قال سالم قال ابن عمر : كنا إذا تبايعنا كان كل واحد منا بالخيار ما لم يتفرق المتبايعان.
قال : فتبايعت أنا وعثمان فبعته مالي بالوادي بمالٍ له بخَيْبر ؛ قال : فلما بعته طفِقْت أنكُص القَهْقَرَى، خشية أن يُرادّني عثمان البيع قبل أن أُفارقه.
أخرجه الدَّارَقُطني ثم قال : إن أهل اللغة فَرقوا بين فَرَقْت مخففاً وفرّقت مثقلاً ؛ فجعلوه بالتخفيف في الكلام وبالتثقيل في الأبدان.
قال أحمد بن يحيى ثعلب : أخبرني ابن الأعرابي عن المفضّل قال : يقال فرَقت بين الكلامين مخفّفاً فافترقا وفرّقت بين اثنين مشدّداً فتفرّقا ؛ فجعل الافتراق في القول، والتفرق في الأبدان.
احتجّت المالكية بما تقدّم بيانه في آية الدَّين، وبقوله تعالى :﴿ أَوْفُواْ بالعقود ﴾ [ المائدة : ١ ] وهذان قد تعاقدا.
وفي هذا الحديث إبطال الوفاء بالعقود.
قالوا : وقد يكون التفرق بالقول كعقد النكاح ووقوع الطلاق الذي قد سماه الله فراقا ؛ قال الله تعالى :﴿ وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ الله كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ ﴾ [ النساء : ١٣٠ ] وقال تعالى :﴿ وَلاَ تَكُونُواْ كالذين تَفَرَّقُواْ ﴾ [ آل عمران : ١٠٥ ] وقال عليه السلام :" تَفترق أُمّتي " ولم يقل بأبدانها.
وقد روى الدَّارَقُطْنِيّ وغيره عن عمرو بن شعيب قال سمعت شعيباً يقول سمعت عبد الله بن عمرو يقول سمعت النبيّ ﷺ يقول :" أيُّما رجل ابتاع من رجل بيعة فإنّ كلّ واحد منهما بالخيار حتى يتفرّقا من مكانهما إلا أن تكون صفقة خيار فلا يحلّ لأحدهما أن يفارق صاحبه مخافة أن يُقيله " قالوا : فهذا يدل على أنه قد تمّ البيع بينهما قبل الافتراق ؛ لأن الإقالة لا تصح إلا فيما قد تمّ من البيوع.
قالوا : ومعنى قوله " المتبايعان بالخيار " أي المتساومان بالخيار ما لم يعقِدا فإذا عقدا بطل الخيار فيه.


الصفحة التالية
Icon