وقد بيّنا معنى الجمع بين هذه الآي وحديث أبي سعيد الخُدْريّ في العُصاة وأهل الكبائر لمن أنفذ عليه الوعيد ؛ فلا معنى لإعادة ذلك. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ١٥٧ ـ ١٥٨﴾.
فائدة
قال أبو حيان :
﴿ ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً ﴾ الإشارة بذلك إلى ما وقع النهي عنه في هذه الجملة من أكل المال بالباطل، وقتل الأنفس.
لأن النهي عنهما جاء متسقاً مسروداً، ثم ورد الوعيد حسب النهي.
وذهب إلى هذا القول جماعة.
وتقييد أكل المال بالباطل بالاعتداء والظلم على هذا القول ليس المعنى أن يقع على جهة لا يكون اعتداء وظلماً، بل هو من الأوصاف التي لا يقع الفعل إلا عليه.
وقيل : إنما قال : عدواناً وظلماً ليخرج منه السهو والغلط، وما كان طريقه الاجتهاد في الأحكام.
وأما تقييد قتل الأنفس على تفسير قتل بعضنا بعضاً بقوله : عدواناً وظلماً، فإنما ذلك لأنّ القتل يقع كذلك، ويقع خطأ واقتصاصاً.
وقيل الإشارة بذلك إلى أقرب مذكور وهو : قتل الأنفس، وهو قول عطاء، واختيار الزمخشري.
قال : ذلك إشارة إلى القتل أي : ومن يقدم على قتل الأنفس عدواناً وظلماً لا خطأ ولا اقتصاصاً انتهى.
ويكون نظير قوله :﴿ ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم ﴾ وذهب الطبري : إلى أنّ ذلك إشارة إلى ما سبق من النهي الذي لم يقترن به وعيد وهو من قوله :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن ﴾ إلى هذا النهي الذي هو ولا تقتلوا أنفسكم، فأما ما قبل ذلك من النهي فقد اقترن به الوعيد.
وما ذهب إليه الطبري بعيد جداً لأن كل جملة قد استقلت بنفسها، ولا يظهر لها تعلق بما بعدها إلا تعلق المناسبة، ولا تعلق اضطرار المعنى.