قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّي احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ شَدِيدَةِ الْبَرْدِ فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنَ أَهْلَكَ وَذَكَرْتُ قَوْلَ اللّهِ عَزّ وَجَلّ :﴿ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ﴾ فَتَيَمّمْتُ ثُمّ صَلّيْتُ، < فَضَحِكَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عليّه وسلّم وَلَمْ يَقُلْ شَيْئاً >.
وهكذا أورده أبو داود، قال ابن كثير وهذا، أي : المعنى الثاني، والله أعلم، أشبه بالصواب، وقد توافرت الأخبار في النهي عن قتل الإِنسَاْن نفسه والوعيد عليه.
روى الشيخان وأهل السنن وغيرهم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ : قَالَ رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم :< مَنْ تَرَدّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهْوَ في نَارِ جَهَنّمَ، يَتَرَدّى فِيهِ خَالِداً مُخَلّداً فِيهَا أَبَداً، وَمَنْ تَحَسّى سَمّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسَمّهُ في يَدِهِ، يَتَحَسّاهُ في نَارِ جَهَنّمَ خَالِداً مُخَلّداً فِيهَا أَبَداً، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ في يَدِهِ، يَجَأُ بِهَا في بَطْنِهِ في نَارِ جَهَنّمَ خَالِداً مُخَلّداً فِيهَا أَبَداً >.
وأخرج الشيخان عنه رضى الله عنه - قَالَ شَهِدْنَا خَيْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عليّه وسلّم لِرَجُلٍ مِمّنْ مَعَهُ يَدّعِى الإِسْلاَمَ :< هَذَا مِنْ أَهْلِ النّارِ >.
فَلَمّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرّجُلُ أَشَدّ الْقِتَالِ، حَتّى كَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحَةُ، فَكَادَ بَعْضُ النّاسِ يَرْتَابُ، فَوَجَدَ الرّجُلُ أَلَمَ الْجِرَاحَةِ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَتِهِ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا أَسْهُماً، فَنَحَرَ بِهَا نَفْسَهُ.