" إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ، فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها ".
فقوله :﴿ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ يعني : لا تفعلوا ما يؤدي بكم إلى القتل، ويحنن الحق الإنسان على نفسه وليس على الناس فحسب، فلا يقول لك : لا تَقْتُل حتى لا تُقْتَل، لأنه سبق أن قال :
﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاوةٌ ياأُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾
[البقرة : ١٧٩]. وعندما يعرف القاتل أنه إن قَتَلَ يُقْتَل، فهو يتجنب ذلك، ونلحظ أن الحق قال في آية أخرى :
﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ عَلَى أَنفُسِكُمْ ﴾
[النور : ٦١].
وهل أنا سأسلم على نفسي أو على الناس الداخل عليهم ؟ إن الإنسان يسلم على هؤلاء الناس، وعندما تقول :" السلام عليكم "، يعني الأمان لكم. فسيقولون لك :" وعليكم السلام " فكأنك قد سلمت على نفسك. أو أن الحق قد جعل المؤمنين وحدة واحدة، ومعنى " وحدة " يعني أن ما يحدث لواحد يكون للكل.
إذن فقوله :﴿ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ أي ولا يقتل واحد منكم نفسه، فتصلح ﴿ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ بمعنى : ولا يقتل واحد منكم نفسه بأن ينتحر، هذه واحدة، ولا يقتل واحدٌّ منكم نفسه بأن يلقي بها إلى التهلكة، أو لا يقتل واحد منكم نفسه بأن يقتل غيره فيقتل قصاصاً، أو لا تقتلوا أنفسكم يعني : لا يقتل أحد منكم نفس غيره لأنكم وحدة إيمانية وليس واحداً بعينه هو المأمور بل الكل مأمور، فلا يقتل واحد منكم نفس غيره.
ويذيل الحق الآية :﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ﴾. وبالله، ساعة ينهاني الحق عن أن أقتل نفسي أو أقتل غيري، أليست هذه منتهي رحمة الصانع بصنعته ؟ إنها منتهى الرحمة.
ويقول سبحانه بعد ذلك


الصفحة التالية
Icon