وقال ابن عباس : نهى الله سبحانه أن يتمنّى الرجل مال فلان وأهلَه، وأمر عباده المؤمنين أن يسألوه من فضله.
ومن الحجة للجمهور قوله ﷺ :" إنما الدنيا لأربعة نفر : رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يتّقي فيه ربّه ويصلُ به رَحِمه ويعلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالاً فهو صادق النيّة يقول لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء " الحديث... وقد تقدّم.
خرّجه الترمذي وصححه.
وقال الحسن ؛ لا يتمنّ أحدكُم المال وما يدريه لعلّ هلاكهَ فيه ؛ وهذا إنما يصح إذا تمنّاه للدنيا، وأما إذا تمنّاه للخير فقد جوّزه الشرع، فيتمنّاه العبد ليصل به إلى الرّب، ويفعل الله ما يشاء. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ١٦٢ ـ ١٦٤﴾.
وقال ابن عاشور :
التمنّي هو طلب حصول ما يعسر حصوله للطالب.
وذلك له أحوال ؛ منها أن يتمنّى ما هو من فضل الله غير ملتفت فيه إلى شيء في يد الغير، ولا مانع يمنعه من شرع أو عادة، سواء كان ممكن الحصول كتمنّي الشهادة في سبيل الله، أم كان غير ممكن الحصول كقول النبي ﷺ " وَلَوَدِدْتُ أني أقْتَلُ في سبيل الله ثم أُحيى ثم أقتل ثم أُحيى ثم أقتل ".
وقوله ﷺ " ليتنا نرى إخواننا " يعني المسلمين الذين يجيئون بعده.
ومنها أن يتمنّى ما لا يمكن حصوله لمانع عادي أو شرعي، كتمنّي أمّ سلمة أن يغزو النساء كما يغزو الرجال، وأن تكون المرأة مساوية الرجل في الميراث ؛ ومنها أن يتمنّى تمنيّا يدلّ على عدم الرضا بما ساقه الله والضجر منه، أو على الاضطراب والانزعاج، أو على عدم الرضا بالأحكام الشرعية.


الصفحة التالية
Icon