وإذا تأمل الإنسان كثيرا لم يجد دعاء أحسن مما ذكر الله في القرآن تعليما لعباده وهو قوله :﴿آتنا فِى الدنيا حَسَنَةً وَفِي الآخرة حَسَنَةً﴾ [ البقرة : ٢٠١ ] وروى قتادة عن الحسن أنه قال : لا يتمن أحد المال فلعل هلاكه في ذلك المال، كما في حق ثعلبة وهذا هو المراد بقوله في هذه الآية :﴿واسألوا الله مِن فَضْلِهِ ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٦٦﴾
قوله تعالى ﴿لّلرّجَالِ نَصِيبٌ مّمَّا اكتسبوا وَلِلنّسَاء نَصِيبٌ مّمَّا اكتسبن ﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أنه يمكن أن يكون المراد من هذه الآية ما يتعلق بأحوال الدنيا، وأن يكون ما يتعلق بأحوال الآخرة، وأن يكون ما يتعلق بهما.
أما الاحتمال الأول :
ففيه وجوه : الأول : أن يكون المراد لكل فريق نصيب مما اكتسب من نعيم الدنيا، فينبغي أن يرضى بما قسم الله له.
الثاني : كل نصيب مقدر من الميراث على ما حكم الله به فوجب أن يرضى به، وأن يترك الاعتراض، والاكتساب على هذا القول بمعنى الإصابة والإحراز.
الثالث : كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء والصبيان، فأبطل الله ذلك بهذه الآية، وبين أن لكل واحد منهم نصيبا، ذكرا كان أو أنثى، صغيرا كان أو كبيرا.
وأما الاحتمال الثاني : وهو أن يكون المراد بهذه الآية : ما يتعلق بأحوال الآخرة ففيه وجوه : الأول : المراد لكل أحد قدر من الثواب يستحقه بكرم الله ولطفه، فلا تتمنوا خلاف ذلك.
الثاني : لكل أحد جزاء مما اكتسب من الطاعات، فلا ينبغي أن يضيعه بسبب الحسد المذموم وتقديره : لا تضيع مالك وتتمن ما لغيرك.