الثالث : للرجال نصيب مما اكتسبوا سبب قيامهم بالنفقة على النساء، وللنساء نصيب مما اكتسبن، يريد حفظ فروجهن وطاعة أزواجهن، وقيامها بمصالح البيت من الطبخ والخبز وحفظ الثياب ومصالح المعاش، فالنصيب على هذا التقدير هو الثواب.
وأما الاحتمال الثالث : فهو أن يكون المراد من الآية : كل هذه الوجوه : لأن هذا اللفظ محتمل، ولا منافاة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٦٧﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكتسبوا ﴾ يريد من الثواب والعقاب ﴿ وَلِلنِّسَآءِ ﴾ كذلك ؛ قاله قتادة.
فللمرأة الجزاء على الحسنة بعشر أمثالها كما للرجال.
وقال ابن عباس : المراد بذلك الميراث.
والاكتساب على هذا القول بمعنى الإصابة، للذّكَر مثل حظ الأنثيين ؛ فنهى الله عز وجل عن التمني على هذا الوجه لما فيه من دواعي الحسد ؛ ولأن الله تعالى أعلمُ بمصالحهم منهم ؛ فوضع القسمة بينهم على التفاوت على ما علم من مصالحهم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ١٦٤﴾.
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ للرجال نصيب مما اكتسبوا ﴾ الآية : إن أريدَ بذكر الرجال والنساء هنا قصد تعميم الناس مثل ما يُذكر المشرق والمغرب، والبر والبحر، والنجد والغَوْر، فالنهي المتقدّم على عمومه.
وهذه الجملة مسوقة مساق التعليل للنهي عن التمنّي قطعاً لعذر المُتمَنّين، وتأنيساً بالنهي، ولذلك فصلت ؛ وإن أريد بالرجال والنساء كلاّ من النوعين بخصوصه بمعنى أنّ الرجال يختصّون بما اكتسبوه، والنساء يختصصن بما اكتسبن من الأموال، فالنهي المتقدّم متعلّق بالتمنّي الذي يفضي إلى أكلّ أموال اليتامى والنساء، أي ليس للأولياء أكل أموال مواليهم وولاياهم إذ لكلّ من هؤلاء ما اكتسب.
وهذه الجملة علّة لجملة محذوفة دلّت هي عليها، تقديرها : ولا تتمنّوا فتأكلوا أموال مواليكم.


الصفحة التالية
Icon