وقال الآلوسى :
﴿ وَاسْئَلُواْ الله مِن فَضْلِهِ ﴾ عطف على النهي بعد تقرير الانتهاء بالتعليل كأنه قيل : لا تتمنوا نصيب غيركم ولا تحسدوا من فضل عليكم واسألوا الله تعالى من إحسانه الزائد وإنعامه المتكاثر فإن خزائنه مملوءة لا تنفد أبداً، والمفعول محذوف إفادة للعموم أي واسألوا ما شئتم فإنه سبحانه يعطيكموه إن شاء، أو لكونه معلوماً من السياق، أي واسألوا مثله، ويقال لذلك : غبطة.
وقيل :( من ) زائدة أي واسألوا الله تعالى فضله، وقد ورد في الخبر "لا يتمنين أحدكم مال أخيه ولكن ليقل اللهم ارزقني اللهم أعطني مثله" وذهب بعض العلماء كما في "البحر" إلى المنع عن تمني مثل نعمة الغير ولو بدون تمني زوالها لأن تلك النعمة ربما كانت مفسدة له في دينه ومضرة عليه في دنياه، فلا يجوز عنده أن يقول : اللهم أعطني داراً مثل دار فلان ولا زوجاً مثل زوجه بل ينبغي أن يقول : اللهم أعطني ما يكون صلاحاً لي في ديني ودنياي ومعادي ومعاشي، ولا يتعرض لمن فضل عليه، ونسب ذلك للمحققين وهم محجوجون بالخبر اللهم إلا إذا لم يسلموا صحته، وقيل : المعنى لا تتمنوا الدنيا بل اسألوا الله تعالى العبادة التي تقربكم إليه، وإلى هذا ذهب ابن جبير وابن سيرين، وأخرج ابن المنذر عن الثاني أنه إذا سمع الرجل يتمنى الدنيا يقول : قد نهاكم الله تعالى عن هذا ويتلو الآية، والظاهر العموم، وعن رسول الله ﷺ قال :" سلوا الله تعالى من فضله فإن الله تعالى يحب أن يسأل وإن من أفضل العبادة انتظار الفرج ". أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ٢٠﴾


الصفحة التالية
Icon