فالأول : هو أن المراد بالذين عاقدت أيمانكم : الحلفاء في الجاهلية، وذلك أن الرجل كان يعاقد غيره ويقول : دمي دمك وسلمي سلمك، وحربي حربك، وترثني وأرثك، وتعقل عني وأعقل عنك، فيكون لهذا الحليف السدس من الميراث، فنسخ ذلك بقوله تعالى :﴿وَأُوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ فِي كتاب الله﴾ [ الأنفال : ٧٥ ] وبقوله :﴿يُوصِيكُمُ الله﴾
الثاني : أن الواحد منهم كان يتخذ إنسانا أجنبيا ابنا له، وهم المسمون بالأدعياء، وكانوا يتوارثون بذلك السبب ثم نسخ.
الثالث : أن النبي ﷺ كان يثبت المؤاخاة بين كل رجلين من أصحابه، وكانت تلك المؤاخاة سببا للتوارث.
واعلم أن على كل هذه الوجوه الثلاثة كانت المعاقدة سببا للتوارث بقوله :﴿فآتوهم نصيبهم﴾ ثم أن الله تعالى نسخ ذلك بالآيات التي تلوناها.
القول الثاني : قول من قال : الآية غير منسوخة، والقائلون بذلك ذكروا في تأويل الآية وجوها :
الأول : تقدير الآية : ولكل شيء مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم موالي ورثة فآتوهم نصيبهم، أي فآتوا الموالي والورثة نصيبهم، فقوله :﴿والذين عَقَدَتْ أيمانكم﴾ معطوف على قوله :﴿الوالدان والأقربون﴾ والمعنى : ان ما ترك الذين عاقدت أيمانكم فله وارث هو أولى به، وسمى الله تعالى الوارث مولى.
والمعنى لا تدفعوا المال إلى الحليف، بل إلى المولى والوارث، وعلى هذا التقدير فلا نسخ في الآية، وهذا تأويل أبي علي الجبائي.