وقيل : إن "بَيْنَ" أجرِي مجرى الأسماء وأزِيل عنه الظرفية ؛ إذ هو بمعنى حالهما وعشرتهما، أي وإن خِفتم تباعد عشرتهما وصحبتهما ﴿ فابعثوا ﴾.
و﴿ خِفْتُمْ ﴾ على الخلاف المتقدّم.
قال سعيد بن جُبير : الحُكْم أن يعِظَها أوّلاً، فإن قبِلت وإلا هجرها، فإن هي قبِلت وإلا ضربها، فإن هي قبِلت وإلا بعث الحاكِم حَكَماً من أهله وحَكَماً من أهلها، فينظران ممن الضرر، وعند ذلك يكون الخُلْع.
وقد قيل : له أن يضرِب قبل الوعظ.
والأوّل أصح لترتيب ذلك في الآية. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ١٧٤ ـ ١٧٥﴾.

فصل


قال الفخر :
قال ابن عباس :﴿خِفْتُمْ﴾ أي علمتم.
قال : وهذا بخلاف قوله :﴿واللاتى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ﴾ فإن ذلك محمول على الظن، والفرق بين الموضعين أن في الابتداء يظهر له أمارات النشوز فعند ذلك يحصل الخوف وأما بعد الوعظ والهجر والضرب لما أصرت على النشوز، فقد حصل العلم بكونها ناشزة : فوجب حمل الخوف ههنا على العلم.
طعن الزجاج فيه فقال :﴿خِفْتُمْ﴾ ههنا بمعنى أيقنتم خطأ، فإنا لو علمنا الشقاق على الحقيقة لم نحتج إلى الحكمين.
وأجاب سائر المفسرين بأن وجود الشقاق وإن كان معلوما، إلا أنا لا نعلم أن ذلك الشقاق صدر عن هذا أو عن ذاك، فالحاجة إلى الحكمين لمعرفة هذا المعنى.
ويمكن أن يقال : وجود الشقاق في الحال معلوم، ومثل هذا لا يحصل منه خوف، إنما الخوف في أنه هل يبقى ذلك الشقاق أم لا ؟ فالفائدة في بعث الحكمين ليست إزالة الشقاق الثابت في الحال فإن ذلك محال، بل الفائدة إزالة ذلك الشقاق في المستقبل. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٧٤ ـ ٧٥﴾

فصل


قال الفخر :
المخاطب بقوله :﴿فابعثوا حَكَماً مّنْ أَهْلِهِ﴾ من هو ؟


الصفحة التالية
Icon